الثورة – عمار النعمة:
لأن الثقافة هي أحد أركان بناء المجتمع، فهي تؤثر في توجيه سلوك الأفراد، وتحدد القيم والتقاليد الاجتماعية التي يجب اتباعها في تفاعلاتهم اليومية، ولأن الثقافة الأساس في تطوير مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي، ووسيلة مهمة لنقل المعرفة والتاريخ بين الأجيال، كان الاهتمام بالثقافة واجبا ومسؤولية تقع على عاتق المعنيين بهذا الشأن.
من هذا المنطلق دأبت الهيئة العامة السورية للكتاب على تقديم الكتاب الجيد ودعم الكتّاب والمترجمين إيماناً منها بأهمية الثقافة ودورها في حياتنا.
صحيفة الثورة التقت الدكتور نايف الياسين مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب ليحدثنا عن حصاد عام ٢٠٢٤.
دعامة ثقافية
لفت الدكتور الياسين أن الهيئة العامة السورية للكتاب تُعَدُّ واحدة من الدعامات الثقافية الرئيسية في سوريا، لأنها دأبت على توفير منصة مهمّة لجميع الكتّاب، والمترجمين، والباحثين السوريين تمكّنهم من نشر إنتاجهم بطريقة احترافية ووصول هذا الإنتاج إلى جميع المحافظات السورية من خلال المراكز الثقافية ومنافذ البيع التابعة للهيئة.
وبين أن الهيئة تبني على الإرث المتميز الذي أسسته منشورات وزارة الثقافة السورية على مدى عقود كثيرة، وهي ملتزمة بإغناء هذا الإرث وتنويعه وتطويره.
لكن عام 2024 كان عاماً صعباً على الهيئة بسبب النقص الشديد في الموارد المالية والبشرية، الأمر الذي منعنا من تحقيق ما كنا قد خططنا لتحقيقه، إذ تقلّصت الاعتمادات التي كانت تحصل عليها، سواء من حيث المبالغ المخصصة أو بسبب التضخم المتصاعد الذي كان يؤدي إلى تآكل قيمة الاعتمادات وإمكانية استعمالها بشكل خاص في أعمال صيانة آلات الطباعة القديمة والمتهالكة.
نوعية الكتب
وتمثلت سياستنا في التعامل مع هذا الواقع في زيادة التركيز على نوعية الكتب التي ننشرها في ظل عجزنا عن إنتاج الكميات التي كنا نرغب بنشرها، إضافة إلى تعزيز آلية النشر الالكتروني.
وفي هذا الإطار، نشرنا 47 كتاباً مؤلَّفاً، منها 8 نشرت إلكترونياً، و36 كتاباً مترجماً، منها 16 نشرت الكترونياً، وهي من الكتب المترجمة المهمة الصادرة عن أهم دور النشر العالمية خلال السنوات القليلة الماضية. وقد حظيت العناوين التي نشرناها باهتمام القراء السوريين والعرب.
مجلات
ورغم الصعوبات تابعنا إصدار مجلة المعرفة، التي تحظى باحترام كبير في العالم العربي كله، وكَتبَ فيها أهم الكتاب السوريين والعرب، وأيضاً مجلة جسور ثقافية، وهي من المجلات النادرة المتخصصة في الترجمة في العالم العربي، وتنشر دائماً مواد رصينة ومنوعة مترجمة عن الآداب العالمية تترجمها نخبة من المترجمين السوريين.
واستمرت أيضاً مجلة المخطوط العربي، وهي أيضاً من المجلات النادرة في العالم العربي، وهي موضع اهتمام كبير، ولاسيما من قبل المحققين، في جميع البلدان العربية.
ونشرت الهيئة عدداً من المجلات الصادرة عن هيئات ومديريات أخرى في وزارة الثقافة، مثل مجلة الحياة السينمائية، الصادرة عن المؤسسة العامة للسينما، ومجلة الحياة التشكيلية، الصادرة عن مديرية الفنون الجميلة، ومجلة الحياة المسرحية، الصادرة عن مديرية المسارح والموسيقا، ومجلة التراث الشعبي الصادرة عن مديرية التراث اللامادي في الوزارة، ومجلة الخيال العملي.
منشورات للطفل
وأخيراً، تفخر الهيئة بمنشورات الطفل التي تصدر عنها، وتتلقفها الأسر السورية بكل محبة وإعجاب، وتحظى باستقبال جيد في البلدان العربية؛ إذ استمرت مديرية منشورات الطفل في الهيئة بإصدار مجلتي أسامة وشامة، وعدد من السلاسل، التي بلغ عدد عناوينها 53، كانت غنية بمحتواها، ولغتها ورسومها، والقيم السامية التي تعززها في عقول الأطفال ووجدانهم.
كانت الهيئة في الماضي تعاني من عدم قدرتها على إيصال منشوراتها إلى الدول العربية الأخرى، لكننا تجاوزنا هذه العقبة من خلال توكيل دار نشر خاصة تشارك باسم الهيئة في المعارض العربية.
في الختام، لا شك أن الكتاب هو حجر الأساس في كل فعل ونشاط ثقافي، والكلمة أمانة ومسؤولية؛ ولذلك نأمل أن تتلقى الهيئة العامة للكتاب في المستقبل دعماً مالياً أكبر لتستمر موئلاً للكتَّاب والمترجمين السوريين ولتظل منشوراتها منارة للثقافة السورية الأصيلة.
#صحيفة_الثورة