الثورة – رفاه الدروبي:
تعود صناعة الصابون إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وأوَّل صناعة كيميائيَّة حقَّقها الإنسان كانت بأدوات بدائيَّة، إذ خلط رماد النباتات البحرية بدهون الحيوانات للحصول على صابون صلب، ورغم أنَّ شعوب أخرى عرفت صناعته إلا أنَّ مدينة “حلب” تفوَّقت في ذلك منذ ١٢٠٠ سنة، وصُنِّفت من بين الصناعات التراثية، وكان فيها أكثر من ٤٠ مصبنةً تنتج مئات القناطير من الصابون، وتُصدَّر إلى جميع أنحاء العالم.
عضو مجلس إدارة جمعيَّة العاديات في حلب الدكتور محمد خواتمي شدَّد على دور الكيميائيين العرب المهم في تطوير صناعته وتحسينه، وذلك بإضافة مواد كالبوتاس “الصودا” في القرن الرابع عشر الميلادي جعلت الصابون أكثر تنظيفاً، وكان للمواد المضافة بعض الأضرار على الجسم والثياب حتى جاء “عز الدين الجلدكي” أوَّل مَنْ صنع مساحيق التنظيف باعتباره من علماء القرن الثامن الهجري، حيث أضاف بعض المواد المُقلِّلة من تأثير الصودا الحارقة، وما تتركه من ضرر كبير على الجلد.
ولفت الباحث “خواتمي” إلى توصُّل الكيميائي “نيكولاس ليبلانس” إلى تصنيع الصودا الكاوية من ملح الطعام سنة ١٧٩١ وأخذت صناعة الصابون منذ ذلك التاريخ منحى جديداً، واتُّبعت أساليب جديدة لإنتاج صابون صناعي عام ١٩٥٠ يعتمد على مشتقات بترولية، لكنها تطوَّرت وتنوَّعت منذ عام ١٩٦٠ وحتى يومنا الحالي.
كما بيَّن أنَّ مدينة حلب تُعتبر الأولى في هذا المجال ضمن منطقة البحر الأبيض المتوسط بسبب وجود الزيت من أشجار الزيتون المنتشرة فيها، وتوفُّر نبات “الشنان” في منطقة البادية، وخاصة “تدمر”، حيث يُجفَّف ويُطحن ويُضاف إليه الماء ليعطي نوعاً من القلوية، إضافة إلى زيت الزيتون ويصنع الصابون من المزيج، مُؤكِّداً على أنَّ “مصبنة الزنابيلي” تُعَدُّ من أولى مصابن حلب القديمة، إذ دامت لأكثر من ألف سنة على التوالي عندما فكَّر الجدُّ “محمد صالح زنابيلي” بالدخول إلى المهنة عام ١٨٧٠م، واستمرَّ حتى ١٩٢٨ ثم خطا الأبناء خُطى الأجداد وتابعها الأحفاد، مشيراً إلى أن الصابون الحلبي يُصنع من نباتات طبيعية، وتُضاف إليه كمية من زيت الغار.
#صحيفة_الثورة