الثورة – رنا بدري سلوم:
على اتساع الشآم بأبوابها السبعة، وعلى قدر ما فرح السوريّون بإعلاء علم سوريا الحرّة في دمشق أمس، يعيش السوريون بحريّة بعد يُتم وموت وانكسار، منهم من أتى إليّها من مخيّمات النزوح، يعودون من البلدان التي احتوت جرحهم وآوتهم من وابل الرصاص وويلاته، ليقيموا الأعياد المباركة في بلدهم سوريا التي هجروها عنوة وقسراً وبقيت أفئدتهم معلقة بها،
وإن لم تكن حاضرة أجسادهم، كانت أرواحهم تحتضن مجتمعهم بالتكافل الاجتماعي، ومد يد الخير ومسح دمعة اليتيم، يرسلون المبالغ الماليّة من بلاد الاغتراب، ليرسموا على وجوه الفقراء والمساكين بسمة أمل، وصدقات لا تقدر بثمن، في أيام يكون فيها القلب عامراً بالإيمان، واليقين بمحبة الله جل وعلا، والإخلاص له وخشيته، والرجاء له، ونحو ذلك من طاعات القلوب، فإنه يتخلّص مما يضاد ذلك من المعاصي القلبية، كالشك، وتعلّق القلب بغير الله، والرياء، ونحوها.
ومن هنا كان لابد أن نعزّز الإيمان في القلوب، ولاسيما في أيامٍ مقبلين بها على عيد الأضحى المبارك الذي نعيش طقوسه، يوم عرفة، وسوريا الجديدة تعلن ولادتها من جديد كطائر فينيقي أبى أن يموت، ليس كبلاد وحسب بل كمجتمع يصفح عند المقدرة، نعيش الأيام الفضيلة والجرح نازف والقلب مكلوم يرافقها انتصارات انتظرها الشّعب السوري طويلاً جداً، بعد أن كسر أغلال الكلام، وفتح حقائب السفر التي كانت أمام الباب منتظرة حين الرحيل.
اليوم ولادة العيد لابد فيه أن يضحك هذا الطفل والشيخ والمرأة وكل جريح، يتعلم السوري اليوم معنى الحرية من الحجارة والركام والآلام من قلوب نادت لبيكِ يا شآم الحرّة وأبعد عنك الاستبداد والطغاة، فمعاً نزيل ركام الحزن الذي في القلوب، ركام يشبه الدمار في المحافظات التي نادت بالحريّة فدفعت ثمنها غالياً جداً.
وها نحن اليوم نعيش الحريّة، نزور بعضنا البعض في كل المحافظات بعدما فكّت القيود التي طال أمدها على دروب الأحرار، العيد اليوم لا يشبه سابقاته، بعد رفع العقوبات الاقتصاديّة التي انعكست معطياتها على حال الشعب السوري فانفرجت أساريره..
السوريون اليوم أكثر وعياً مما مضى يرنون إلى مستقبلٍ يجمعهم بكل أطيافهم وطوائفهم ومعتقداتهم، بلد هم أسياده وهم كلمته وهم نصره المبين، كل عام وشّعبي مزداناً بأعلام الحرية لأنه يستحق الحياة.