للبشاعة ألف وجهٍ ووجه

الثورة – لميس علي:

في أحد الحوارات سُئل المخرج السوري عمر أميرالاي: هل بوسع حالمٍ واحد أن يغير الواقع..؟
وألا نحتاج إلى بنية تحتية حالمة من أجل تغيير حالة غياب الوعي الجماعي..؟
يجيب أميرالاي: “إذا توقّف الحلم توقّفت عجلة التغيير الأهم والأخطر في الحياة ألا وهي الأفكار، إذ إن أسوأ ما يصاب به مجتمع هو أن يسيطر عليه أفراد لا يحلمون”.


من أكثر الأشياء التي تنشّط لدينا القدرة على الحلم تتمثل بالفنون عموماً والسينما على وجه الخصوص.
لكن لِمَ تبدو القدرة على الحلم ضرورية لاستمرارنا في ظروف حياتية كثيرة.. ولاسيما “الآن”..؟
لأنها من أكثر الوسائل وأثمنها.. وأيضاً أجملها في مواجهة البشاعة والقبح.
فكلّما عظمت قدرتنا على الحلم كلّما استطعنا طمس فاعلية البشاعة من حولنا.
في الفكر الإغريقي القديم كان كل قبح رمزاً لكل نقص وشرّ.. وأيضاً كان تعبيراً عن كل فوضى.
ما يعني أن كل ما هو ذو دلالة سلبية يشتمل على وجه من أوجه البشاعة والقبح.
وبالتالي كل ما يثير داخلنا شيئاً من خوف، كره، ضعف، قسوة، فوضى، وغيرها من مفاهيم تتناقض ومعانيَ إيجابية، كلها تشتمل على (البشاعة والقبح).
فكيف يمكن ضبط أو تحديد معنى ما هو قبيح وبشع..؟
وهل يكفي أن يتلخص بمجرد كونه نقيضاً لكل جميل..؟
وإذا كان الجمال ليس مفهوماً مطلقاً، بل ذا ظلال نسبية.. إذاً من المنطقي أن يشتمل مفهوم القبح على أبعاد عديدة وطبقات معقدة.. وكما قال هوغو (للقبيح ألف نمط ونمط).
من تلك الأنماط التي يذكرها إمبرتو إيكو في كتابه (تاريخ القبح) يتمثل بما سماه “قبح الموقف”.. وربما اشتمل بما يعنيه على “قبح الظرف” أي الزمان والمكان المحيطين.
ثمة الكثير من التصنيفات والأنواع التي تحدث عنها “إيكو” بخصوص القبح.. كأن يذكر “القبح الصناعي”.. وقياساً لتصنيفاته تلك يبدو أننا وصلنا إلى ما يمكن أن نطلق عليه تسمية “القبح الافتراضي” المنتشر مؤخراً، بكثرة ملحوظة، على مواقع التواصل الاجتماعي.. التي بثت أنواعاً كثيرة مستحدثة من القبح وتفنّنت في تكريسها ولاسيما تلك البشاعة اللفظية التي تخترق “الحياء والذوق العام”.. وهي شكل من أشكال (العنف/التعنيف) النفسي.
فالعنف بكل تمظهراته، ظاهرية ملموسة أو معنوية، من أكثر أوجه القبح والبشاعة، تلك التي تُنقص قيمة (الإنساني) داخلنا.
فما هي أفضل وأنبل ذخائرنا لمواجهة البشاعة ولتقزيم القبح من حولنا..؟
الحبّ..
تبدو القدرة على الحبّ بما يستجلبه من هرمونات سعادة، من أكثر الوسائل لكتم صوت كل البشاعات وما يتفرع عنها من سلبيات وفظائع.
وحسب البعض فكل ما يحتاجه الحبّ هو “المخيلة”.. أي تنشيط الخيال والحلم.. ولا أفضل من السينما أداةً لذلك.
في أحدث الإنتاجات السينمائية العالمية التي نالت جوائز ضمن حفل الغولدن غلوب بنسخته الأخيرة، كان لكل من فيلمي (المادة، وإميليا بيريز) وصفته الخاصة في معالجة موضوعة “البشاعة”.
فبينما اختص الأول (المادة) بإظهار القبح بشكل واضح وملموس، لصالح التغافل عن ذاك القبح الأكثر عمقاً وغير المرئي من خلال تعلّق البطلة “إليزابيث” بجمال (الظاهر)، انشغل الفيلم الآخر بمناقشة أحد تمظهرات البشاعة متمثلةً بالعنف الذي كان يقوم به بطل العمل، فواجهه عبر تغيير كل حياته.
كلا العملين أكّد أن للبشاعة ألف وجه ووجه يمكن تقليص أثرها والتقليل من امتدادها عبر تقوية القدرة على (الحلم والحبّ) على السواء.

#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
الشيباني لـ "فايننشال تايمز": نسعى إلى بناء اقتصاد مزدهر الدكتور الشرع يبحث مع "الصحة العالمية" و"صندوق الأمم المتحدة" الرعاية الصحية الأولية الصفدي: السوريون يعيدون بناء وطنهم الحر الموحد "Euractiv": سوريا تنهي الوجود الروسي في البحر المتوسط "دافوس" .. سوريا ترسم ملامح حضورها على الخريطة الاقتصادية العالمية "المركزي" يسعى لخطوات ناظمة تعيد الاستثمار إلى مكانه الصحيح والأكثر فائدة هيئة الاستثمار في طور إعادة الهيكلة الاستثمار بالزراعة أولاً إيقاف الودائع بالقطع الأجنبي.. خطوة جريئة أم مخاطرة اقتصادية؟ "البسطات العشوائية".. ظاهرة تتفاقم وباتت مشكلة فرنسا تصدر مذكرة اعتقال بحق الأسد الدمار في حلب.. وحشية بلا حدود قريباً.. مركز للنظافة في داريا بدايات جديدة لغدٍ أفضل تزويد محطات مياه طرطوس بالوقود في "دير ماما".. صناعة الحرير الطبيعي تدهورت زمن النظام البائد فهل ننقذها من الاندثار؟ مخبر "النيماتودا" في معبر نصيب للتأكد من سلامة الإرساليات النباتية إزالة الركام من حي المنشية في درعا البلد مراكز درعا الصحية تواصل تقديم خدمات اللقاح ببراميل النظام المجرم وصواريخه.. دمار هائل في حلب