الثورة – هفاف ميهوب:
رغم أن غالبية الفلاسفة اتّفقوا على أن جوهر الفنّ هو الجمال، إلا أنهم اختلفوا حول وظيفة وقيمة وغاية وماهيّة هذا الجمال.. جمالُ الفنّ الذي رأى الفيلسوف الألماني “هيغل”، أن هدفه النهائي هو “إيقاظ النفس”، وأن هذا الهدف يستحقّ السعي إليه، والتوقّف عنده وتأمّله، وهو ما فعله وكانت ملاحظته:
“مضمونُ الفنّ يحوي كلّ مضمونِ النّفس والرّوح، وهدفه يكمن في الكشفِ للنّفس، عن كلّ ما هو جوهريّ وعظيم وسامٍ وجليل وحقيقيّ كامن فيها..”.
إنه برأيه، ما يمنحنا تجربة حياتية واقعية، تمكّننا من الإحساس أكثر وبشكلٍ أعمق، بما يدور في دواخلنا، مثلما في دواخلِ الآخرين.
هذا ما رآه “هيغل” من الهدف النهائي للفنّ الذي وجده، يتلاقى مع الروح المطلق لاشتراكهما معاً، في دائرةٍ واحدة هي “الوعي بالحقيقة”.. الحقيقة التي جعلت جمال الفنّ يكمن لديه: “في أن يضع تحت متناول الحدس، ما هو موجود في الفكر الإنسانيّ”.
“هكذا يخبر الفنّ الإنسان عن الإنسانيّ. يوقظ مشاعر نائمة، يضعنا في حضرة الرّوح الحقيقيّة”..
إنها فلسفة “هيغل” المحبّ للفنّ والجمال والحياة، وهي فلسفة قد تختلف لدى فيلسوف التشاؤم “شوبنهاور”. ذلك أن دافعها لديه، هو الهروب من الحياة التي يكرهها بشدّة، ويبحث عمّا يخلّصه منها ولو بتأملِ الجمالِ أو تخيّله.
بيد أنه ما كان سبباً، في سعيه لوضع قيمة الفنّ والجمال في أعلى المراتب، معتبراً أنهما يحقّقا السّمو التّام للفنان، وهو ما رآه وعبّر عنه بقوله:
“الفنُّ يمنحنا تجربة جمالية ترفعنا عن رغباتِ العالم”.
نعم، لقد تمثّل وتخيّل وتأمّل “شوبنهاور” الفنّ وجماليته، رغبة منه بالانعتاق من بؤس الحياة والعالم، مثلما من واقعٍ هرب منه، عبر رؤيته الجمالية التي صاغت فكرته:
“جمال بعض الأشياءِ، يقوم أحياناً في حقيقة الفكرة التي نتقرّب فيها من الأشياءِ تلك، فتكون تجسيداً عالياً للإرادة، وتكون بالتالي كثيرة الأهمية وقوية التعبير”.
#صحيفة_الثورة