افتتاحية الثورة -بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:
لنسمّها “طوفان” المعلومات المزيفة، أو المضلّلة، أو كما يطلق عليها الإعلام الغربي مصطلح “الخاطئة”، سمّوها ما شئتم، فهدفها واحد، وهو إثارة الفتنة في سوريا، وتأليب الرأي العام ضد جهاز الأمن العام، وكل مؤسسات الدولة ووزاراتها، وصولاً إلى إدارة سوريا الجديدة، والأمر ليس غريباً، فأخبار سوريا اليوم تتصدر فضائيات العالم ومنصاته، وهذا من منطق الأشياء.
على المنصات “فيديو” لمواطن سوري مغترب يؤكد بالمعلومة والصورة، ومن صفحات الإعلام الألماني الرسمي أن ثمة موجة هائلة من المعلومات المزيفة حول سوريا تغزو منصات التواصل، ويقودها إعلاميون و”فيسبوكيون” لهم أجندات باتت معروفة، يدفعهم المتضررون من سقوط نظام الأسد، كالمطلوبين للعدالة في الداخل، وتلك العواصم التي تضررت مصالحها، والموجة هدفها إشاعة الخوف لدى السوريين وصولاً إلى الفوضى والتقسيم و”الفيدراليات”.
أحد الصحفيين الألمان عنون مقاله بـ: “كيف تثير المعلومات المزيفة الفوضى في سوريا؟”، وآخر بحث عمن يقف وراء الحملة من صحفيين يدّعون “الحيادية” ومن دول تزعم الحرص على استقرار سوريا.
بالمنطق ليس هناك اليوم حالة وردية في سوريا، فلم يزدهر البلد في شهر بعد سقوط النظام البائد، ولن تبنى مؤسسات الدولة الديمقراطية، حيث سيادة القانون وفصل السلطات في أيام معدودات، ولن يصبح دخل المواطن كباقي مواطني الأمم بأربعين يوماً، وإعادة هيكلة المؤسسات مازالت بألف باء الأبجدية، والتركة ثقيلة جداً، والأخطاء في عمل أي وزارة ومؤسسة وارد، وتناول الكثير من القضايا الحساسة يخضع للمراجعة اليومية، كموضوع العمالة الفائضة والرواتب والموظفين، ولم يبت بشكل رسمي بأي مسألة، وحكومة تصريف الأعمال تجمع البيانات لتقدمها للتي بعدها، وثمة أخطاء عديدة في عملها، وهذا من منطق الأشياء، فمن يعمل يُخطئ، وعلى مبدأ “من أصاب فله أجران”، ولكن هنا يأتي أصحاب المعلومات المزيفة كي يصطادوا بأنصاف المعلومات ويزوروها ليحققوا أجنداتهم، مستغلين خبراً غير رسمي هنا وحادثة هناك، وهنا أيضاً على حكومة تصريف الأعمال المسؤولية في التوضيح وقطع لسان من يتسول المعلومة غير الرسمية، والحل بالحديث بشفافية عن كل مسألة، كي تقيد ذاك المتسول، وتسد شرايين أودية “طوفان” المعلومات الخاطئة.
الأخطاء موجودة نعم، ولكن الحصاد الإيجابي موجود أيضاً في الاقتصاد والأسواق، وهذا مثال لمن يريد أن يوسع حدقة رؤيته، رغم أن ضعف القدرة الشرائية لا بدّ له من حل كي تكتمل الصورة المطلوبة لدى السوري، وأيضاً في الدبلوماسية لنا شواهد حصاد أخرى، ويكفي أن أشير هنا إلى أن كل سوري اليوم يفتخر وهو يشاهد الشيباني وزيراً لخارجية بلده، يمثلها أفضل تمثيل في المحافل الدولية، فرغم تركة النظام المخلوع سيئة الصيت، التي شطبت أوروبا عن الخريطة في أحد الأيام، وجعلت العالم يسخر من قائلها، سجل وزير الخارجية الجديد حضوراً دبلوماسياً جيداً، وكذا الحال مع إدارة سوريا الجديدة التي تسعى لتصفير المشكلات لنصل إلى بر الأمان.
إشاعة الخوف والفوضى والفتنة والاضطرابات هدف “الطوفان” المذكور، ذراعهم منصات التواصل التي يجد فيها “الذباب الإلكتروني” ضالته، ليبث فيديوهات، ويدعي أنها لوزير الدفاع اللواء أبو قصرة مثلاً، أو للوزير “س” أو للمدير “ع”، ثم يتبين زيفها.
“الطوفان” إياه مثل حرب الوكلاء، بالوسائل والأهداف والتوقيت، طوفان وسيلته الصور المفبركة، والمعلومات الناقصة، وأكرر “الناقصة وهي مسؤولية إعلامنا بتوضيحها”، لا ينقصنا -نحن السوريين- بكل أدياننا وأعراقنا وثقافاتنا وحضارتنا، لا الإيمان، ولا الأخلاق، ولا الفكر، ولا الحرفية ولا الدبلوماسية، ولا الإبداع ولا التفوق، لا ينقصنا شيء، فأطباؤنا وفلاسفتنا ومهندسونا وعمالنا يتصدرون المشهد في كل أصقاع الأرض، وكلكم يكتب على صفحاته يومياً عن هذا السوري المبدع في الجراحة العصبية في واشنطن، وذاك السوري المخترع في بون، وتلك المرأة السورية التي أذهلت الفرنسيين، والشواهد هنا لا تحصى، بمعنى نحن من يجب أن نبني بشكل صحيح في الداخل، كي نطلق طوفان المعلومات الصحيحة في الخارج، ونطوي تلك المعلومات الخاطئة.
#صحيفة_الثورة