الثورة – رفاه الدروبي:
تُعتبر صناعة النحاس من الصناعات المعدنية التقليدية القديمة في سوريا، وتعود إلى الألف الثانية قبل الميلاد، وقد اشتهرت بها بلاد الشام، مُتَّخذةً مركزاً لها دمشق لحرفة تتسم بالدقة والمرونة والحسِّ المرهف والذوق الرفيع، حيث تحكي كل قطعة قصة كتبت بأيدي حرفيين مهرة.
الحرفي تركي أبو ردان، من مدينة حمص، ورث المهنة عن أبيه وجدِّه، وكان دكان والده في سوق النحَّاسين بمنطقة الأسواق القديمة في واسطة العقد، لكنَّ بسبب الحرب نقل معدَّاته إلى عقربا في ريف دمشق ويستمرُّ بعمله حالياً.
يشير في حديثه لصحيفة الثورة إلى أنَّه شرع بداية بتقليد والده في العمل وشيئاً فشيئاً أحسَّ أنَّه ينتج قطعاً من روحه وإحساسه، ترتقي إلى مستوى التحف المتميزة برمزية المعنى وعبق التراث، يُشكِّلها كيفما يشاء، حيث يصنع “دلال القهوة المرَّة، والتحف الفنية، والسيوف، والأباريق، والخناجر”، يُكوِّنها من معدن النحاس ذي اللونين الأصفر الشديد القساوة، والأحمر المخلوط بالتوتياء والزنك لتغيير اللون المتَّسم بأنَّه أقل قساوة.
وحول تصنيع مصبَّات القهوة المُرَّة (الدلاء) يؤكد أنَّ أغلب مراحلها يدوية، بيد أنَّها تطوَّرت مُعتمدةً على الآلات والمكابس الحديثة، فأصبح النقش عليها أسهل إذ يبدأ بتفصيل القطعة على شكل معين، يقصُّ ثم يُوضع النحاس المقصوص على سندانات لتشكيل القطعة فتتمُّ تسويتها من خلال مراحل عدة بعد وضعها على النار بدرجات حرارة معينة بهدف الحصول على الليونة، وتأخذ نسبياً الشكل المطلوب على الآلة ثم تتبعها مرحلة التنعيم بعد أن تأخذ الشكل المرغوب فمرحلة تركيب صباب الدلة “الزنبوعة” ولحمها على جسم الدلة من كل الأطراف وتنظيفها من الزوائد، إضافة إلى طليها بطبقة القصدير، وتنظيفها مرة أخرى مستخدماً مادة النشادر وتلميعها حتى يظهر بريقها، وتبدأ فيما بعد عملية النقش بزخارف مختلفة وتكون نقوش الغطاء أكثر دقة ونعومة من الجسم.
#صحيفة_الثورة