الثورة – غصون سليمان:
في خضم الأحداث والتحديات التي فرضت شروطها على الواقع السوري خلال الحرب القاسية على مدى أربعة عشر عاماً من الظلم والجور والفقر والقهر، كانت معاناة المرأة السورية تتأرجح في كل الاتجاهات، ولاسيما العاملة منها.
وما بين توزع الجغرافية ومراكز العمل لناحية المعامل والمصانع والمؤسسات كانت القلوب والأفئدة تنفطر خوفاً وقلقاً إذا ما وقع اشتباك أو تفجير هنا وهناك، لتتبعثر الأمنيات والأحلام في خبر كان.
لحظات من وجد وترويع اكتنزها صدر السيدة يسرى-ع، إحدى العاملات في شركة تاميكو أثناء توجهها إلى الشركة صباحاً خلال أيام الحرب الطاحنة التي ابتلينا بها، والتي لم يعرف كيف يديرها بعيداً عن الدماء والخراب نظام الأسد الساقط، وتقول كنا نعبر المسافات في خط الشركة ونحن نمسك قلوبنا في يدنا، كما يقال، خوفاً من حدوث أي طارئ إذا ما تجاوزنا حواجز التفتيش المعقدة، ففي مرات عديدة كنا نقرأ الفاتحة على أرواحنا ونأخذ أرض حافلة النقل ملاذاً خوفاً من شظايا المتفجرات والرصاص الطائش في معركة خاسرها الأكبر الإنسان والمواطن السوري بكل أطيافه على أرضه.
غير متكافئة
هنادي- ص، العاملة في شركة وسيم للألبسة، والتي فقدت زوجها وابنها في معركة غير متكافئة زج بها أبناء البلد من دون دراية بنتائجها الخطيرة، لطالما الأطراف المتناحرة والمقاتلة على الأرض من كل حدب وصوب لم يكونوا يميزون بين الحجر والشجر والنبات والإنسان، فكل كان له أجندته الخاصة، على حساب هذا البلد، فيما الضحية هو الشعب السوري وقدراته وطاقاته وكرامته المهدورة على خطوط اللهيب والنار والثأر والتشفي والانتقام.
لعلها أيام سوداء بكل ما للكلمة من معنى.. فقدنا فيها أقرب الناس لأرواحنا من آباء وأزواج وأبناء وأهل وجيران وأصدقاء.
تحديات نفسية
سميرة- ن، التي كانت تعمل في إحدى الشركات الخاصة بمنطقة المليحة ما بين العام ٢٠١٣- ٢٠١٤، حيث عاشت كما الكثيرين من أبناء المجتمع السوري تحديات نفسية وأزمات عصبية تكاد لا تحملها الأعصاب، فرأت حجم تناثر الأشلاء والأجساد المتفحمة حين حدوث انفجار على الأرض أو ضربة جوية من مسيرة أو طائرة مع مرور الأيام والليالي، ما دفعها في النهاية إلى ترك عملها والبحث في مكان آخر لتأمين لقمة عيش أسرتها المؤلفة من خمسة أشخاص بعدما فقدت المنطقة أمانها وهدوئها في ذاك الوقت.
ما نرجوه اليوم بعد إزاحة النظام الساقط وحاشيته وأدواته بكل مسمياتهم.. أن تحقق إدارة التغيير الجديدة مفهوم العدالة الاجتماعية والمواطنة الصحيحة تحت سقف القانون والدستور الضامن لحقوق جميع أبناء المجتمع.
ما تقدم مجرد عينات لنساء كثيرات عشن على خارطة وطن أحببناه وعشقناه، فمنه نستمد أوكسجين الحياة وإليه نعود ونبقى رافعي الرأس من دون وجل.. فهل من بصير وبصيرة؟
#صحيفة_الثورة