أطفالنا.. وقضاء عطلتهم الانتصافية في المنزل

حماة – زهور رمضان:
اعتاد الأطفال الصغار منذ سنوات طويلة، وبعد انتهاء امتحانات الفصل الدراسي الأول في مدارسهم، أن يبدؤوا عطلتهم برمي كتبهم وحقائبهم المدرسية جانباً وتجهيز أنفسهم للسفر إلى بيت الجد والجدة منذ بداية العطلة الانتصافية، خوفاً أن يفوتهم ولو لحظة من اللحظات الجميلة التي يقضونها مع أبناء عمومتهم أو أخوالهم، يتسامرون ويضحكون ويلعبون أجمل الألعاب التي تبقى ذكراها راسخة في أذهانهم طيلة سنوات حياتهم.
فذكريات الطفولة هي من أروع اللحظات التي يعيشها الأطفال، ويتمنون كلما رجعت بهم الذاكرة إلى الوراء أن تعود وتتكرر لعلهم يتذكرون فيها أحاديث أجدادهم، وتلك اللحظات البريئة التي لا يفكر الطفل فيها سوى باللعب واللهو وقضاء طيلة ساعات النهار خارج المنزل، غير آبهين بالجوع أو البرد القارس الذي يترافق مع وقت العطلة.
ولكن من المؤسف غياب هذه اللحظات الجميلة عن أذهان أطفالنا خلال السنوات الأخيرة لأسباب مادية وأخرى معنوية، حيث لم تعد أغلب الأسر قادرة على تحمل تكاليف أجور النقل والسفر من مكان لآخر، إما بسبب ضيق الوضع المادي الذي باتت معظم الأسر السورية تعاني منه، أو لأسباب أخرى من أهمها عدم قدرة بيت الجد على تحمل ضغوط العائلة المادية في ظل الظروف الصعبة، لهذا اضطرت أكثر العائلات لتغييب متعة السفر عن أبنائها وقضاء العطلة عند أقربائهم.
– ارتفاع أجور السفر:
الطفل محمد قاسم- عشر سنوات، عبَّر لنا عن مدى حزنه الكبير لأنه لم يتمكن من الذهاب إلى بيت جده في المحافظة المجاورة، لأن أباه غير قادر على دفع تكاليف السفر له وللعائلة، ناهيك عن عبء تحمل تكاليف قضاء العطلة عند بيت جدهم لعدم امتلاكه ما يكفي من النقود لشراء الحاجات الأساسية، فكيف له أن يرسلهم في سفرة لا تناسب دخله إطلاقاً.
– ضغوط مادية ومعنوية:
فيما عبَّرت أم محمد، وهي ربة منزل، أنها مضطرة للأسف أن تتحمل ضجيج أطفالها الصغار في منزلها بسبب عدم قدرتها على السفر أو الذهاب بهم إلى أي مكان للتنزه وقضاء أوقات جميلة في النوادي أو الملاهي، فهم غير قادرين على سد مصاريف المنزل ليكونوا قادرين على الخضوع لطلبات الأبناء في حال السفر أو عند خروجهم مع أترابهم الآخرين للاستمتاع في العطلة التي تعتبر من حقوقهم الأساسية منتظرون قدومها بفارغ الصبر.
– داخل المنزل:
بينما عبَّرت الطفلة هيا محمد- 12 سنة، عن عدم قدرتها على تقبل فكرة عدم السماح لها بالسفر لبيت جدها، ما اضطرها لقضاء العطلة في منزلها مع ألعابها وكتبها من دون فعل أي شيء من الأشياء الجميلة التي اعتادت أن تفعلها وهي صغيرة في بيت جدها، فهي تحب جدتها كثيراً وتنتظر العطلة لكي تذهب لرؤيتها، ولكن قالت بغصة وحزن: إن والدها لم يسمح لها أو لأخوتها منذ ثلاث سنوات بالسفر في العطلة بسبب سوء الأوضاع المادية، وتمنت أن تتحسن الأحوال كي يتمكنوا من التمتع بحقوقهم بطفولة جميلة.
– وسائل التواصل الاجتماعي:
الطفلة سالي محمد، بينت أنها مع مجموعة من صديقاتها استغنوا عن اللقاء مع بعضهن والتسلية بالضحك والنكت، فهم اضطروا للقبول بقضاء العطلة في منازلهم لا يمارسون أي وسيلة من وسائل اللهو والتسلية، إلا عبر الاستمتاع بوسائل التواصل الاجتماعي، وعمدوا لإنشاء مجموعة صبايا على الواتس يتبادلون فيها الأحاديث والتسلية، مستغنين عن اللقاءات المباشرة وسهرات السمر الجميلة.
وذكرت مرجان البري- 12 سنة، أنها تقضي أغلب وقت فراغها في العطلة الانتصافية بتصفح صفحتها على موقع الفيس بوك وتنشر بعض المنشورات وتستمتع بالتعليقات والردود التي تأتيها من صديقاتها.
كما أكدت الطفلة همسة صارم أنها اضطرت لقضاء هذه العطلة بين أوراق دفتر الرسم وألوانه التي تحبها كثيراً، وهي رغم تعلقها بالرسم، فقد اعتمدته أسلوباً بديلاً للهو مع جدها الذي اعتاد على السهر معها والاستماع لأحاديثها اللطيفة واللذيذة، فرسمت صورة جدها وهو يستمع لأحاديثها مع باقي أخوتها الآخرين.
هنا نجد أن الأطفال الصغار لم يعودوا صغاراً كما كانوا، بل علمتهم قساوة الحياة دروساً جديدة بعدما نسوا طفولتهم البريئة، وفهموا أن الحياة الجميلة باتت مرتبطة بالوضع المادي، فنسبة كبيرة منهم اضطروا إلى القبول بقضاء العطلة في بيوتهم لا يمارسون أي شي من وسائل اللهو والتسلية إلا عبر الاستمتاع بوسائل التواصل الاجتماعي، ولا يفعلون شيئاً إلا الضجيج والصراخ وممارسة العبث بمحتويات منازلهم، تعبيراً عن احتجاجهم ورفضهم للظروف التي يمرون فيها، فالحياة أصبحت قاسية على الأهل والأبناء، ما يتطلب منا جميعاً التعاون والتفاهم مع أبنائنا لنكون قادرين على الاستمرار في بناء حياة جديدة وجميلة وهادئة لنا ولهم وللأجيال القادمة من بعدهم، لأن الأطفال كانوا ولايزالوا زينة الدنيا وضحكاتهم البريئة هي عنوان المستقبل المشرق والأمل الواعد الذي ينتظره الجميع.
#صحيفة – الثورة

آخر الأخبار
قلعة حلب .. ليلة موعودة تعيد الروح إلى مدينة التاريخ "سيريا بيلد”.  خطوة عملية من خطوات البناء والإعمار قلعة حلب تستعيد ألقها باحتفالية اليوم العالمي للسياحة 240 خريجة من معهد إعداد المدرسين  في حماة افتتاح معرض "بناء سوريا الدولي - سيريا بيلد” سوريا تعود بثقة إلى خارطة السياحة العالمية قاعة محاضرات لمستشفى الزهراء الوطني بحمص 208 ملايين دولار لإدلب، هل تكفي؟.. مدير علاقات الحملة يوضّح تطبيق سوري إلكتروني بمعايير عالمية لوزارة الخارجية السورية  "التربية والتعليم" تطلق النسخة المعدلة من المناهج الدراسية للعام 2025 – 2026 مشاركون في حملة "الوفاء لإدلب": التزام بالمسؤولية المجتمعية وأولوية لإعادة الإعمار معالم  أرواد الأثرية.. حلّة جديدة في يوم السياحة العالمي آلاف خطوط الهاتف في اللاذقية خارج الخدمة متابعة  أعمال تصنيع 5 آلاف مقعد مدرسي في درعا سوريا تشارك في يوم السياحة العالمي في ماليزيا مواطنون من درعا:  عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفاً  الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر