الثورة – عمار النعمة:
يقول المثل الشعبي (من لا يرى من الغربال فإنه أعمى)، بالتأكيد هذا ليس مثلاً عابراً ينطبق على حالة فردية، إنما يدل أيضاً على الظواهر التي تبدأ بإعطاء إشارات يجب أن يقرأها من ترسل إليه.
والثورة السورية المباركة التي لم تنطلق فجأة عام ٢٠١١م، بل كانت مقدماتها في الكثير من الإشارات والحقائق والمعطيات التي لم تكن لتخفى على ذي اللب، لكن النظام البائد في سوريا كان يظن أنها عابرة أو أنه أقوى من كل ما يجول في خاطر الشعب.
من منّا لم يتأثر يوماً من ظلم نظام الأسد البائد، من منّا لم يتعرض لمحنة ألمّت بأهله وإخوته وأحبته جراء همجيتهم وبطشهم بالسوريين الذين لم يتوقفوا يوماً عن النضال.
هل تذكرون عام ٢٠١١ عندما صدحت أصوات السوريين مطالبة بحقوقها، هل تذكرون ما فعلت يومها عصابات الأسد وما روجته من إشاعات وتسميات.
اليوم سوريا حرة أبية منتصرة بإرادة السوريين.. والشهداء والمعتقلين والمعذبين- وهذا ما تحدث به الرئيس أحمد الشرع في خطابه أمس حين قال: “تحررت سوريا بالشهداء، والمعتقلين والمعتقلات، والمعذبين والمعذبات، والمفقودين والمفقودات، وجميع أمهاتهم الثكالى وأهلهم المكلومين، بسبب تضحياتهم وتضحياتكم جميعاً أقف هنا اليوم، لنفتح معاً فصلاً جديداً في تاريخ بلدنا الحبيب”.
وتابع: “انطلق هذا النصر من حناجر المتظاهرين وهتافات المحتجين في الساحات والميادين، انطلق من أنامل حمزة الخطيب وأهازيج المظاهرات، وآهات المعتقلين والمعذبين في أقبية تدمر وصيدنايا وفرع فلسطين، واستمر بتضحيات الثوار الذين حرروا أرض سوريا، رغم سنوات من عذابات الصواريخ والبراميل والكيماوي، فلم ينثنوا ولم ينكسروا”.
نعم، لم يكلف النظام البائد نفسه حتى قراءة بيانات المطالب والرد عليها، صلف الغرور الذي هو به بالفعل والقول انفصال عن الواقع الاجتماعي لأبناء الشعب.
هذا بحد ذاته مقتل أي نظام سياسي مهما كان، فهو يعيش في قصر معزول عن هموم المجتمع ويتاجر ويبيع الشعارات البراقة التي لا تطعم خبزاً ولا شراباً ولا دفئاً.
كان تراكم الألم والغضب، وكان لابد من لحظة الانفجار والانطلاق والبناء نحو سوريا الحرة الأبية التي نريدها جميعاً كما نحب ونطمح.
#صحيفة_الثورة