الثورة – معد عيسى:
بقيت الوعود هي السمة الطاغية على تصريحات القائمين على قطاع الكهرباء “السابقين واللاحقين”، ولكن بفارق أن تصريحات المسؤولين السابقين لفترة ما قبل سقوط النظام البائد، كانت تغطية لفساد كبير في القطاع، فيما كانت تصريحات المسؤولين القائمين حالياً متسرعة قبل معرفة حقيقة قطاع الكهرباء المنهار بشقيه (التوليد والتوزيع).
قطاع الكهرباء المنهار بصيانات وهمية وعقود خلبية، وعقود إذعان، كان يتستر بغطاء نقص المشتقات النفطية، وهي حقيقة أن هناك نقصاً كبيراً بالمشتقات النفطية، ولكن مردود محطات التوليد منخفض جداً، والكميات المخصصة من الوقود كانت تكفي لتوليد أكثر من 4000 ميغا (7 ملايين متر مكعب من الغاز و5000 طن فيول).
بالمحصلة نحن اليوم أمام واقع كهربائي سيء جداً، ولن يكون بمقدور الإدارة الجديدة إحداث فارق خلال فترة قصيرة، وكل الوعود التي تم إطلاقها ستصطدم بشبكة منهارة، ولن يكون ما تم الحديث عنه من ربط باخرتي توليد، أو الربط مع دول الجوار خياراً متاحاً إذ لم يكن ذلك في إطار المساعدات والدعم، لأن التكاليف ستكون كبيرة، وهذا غير متاح في ظل سرقة أموال الدولة.
نفط وغاز الشمال
الأمر سيكون أفضل فيما لو تمت استعادة نفط الشمال وتشغيل مصافي النفط، الأمر الذي سيتيح إنتاج حوالى ستة آلاف طن من الفيول، وكذلك الأمر بالنسبة للغاز فيمكن تأمين كمية حوالى 1.5 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، وحالياً، وفي المجمل فإن الكميات المذكورة يمكن أن تولد حوالى ألف ميغا يتم رفد الشبكة بها.
خيارات متاحة
الخيارات كثيرة ومتاحة، ولكنها تحتاج إلى أموال طائلة يتعذر تأمينها، إلا من خلال استثمارات خاصة تقوم بها شركات كبيرة متخصصة في قطاع الطاقة، أما الخيارات الحكومية فيُمكن أن تتجه إلى تشغيل المحطات الغازية القائمة، والتي تعتبر ذات مردود مقبول من خلال توريد الغاز المصري عبر خط الغاز العربي الممتد من العريش المصرية إلى محطة توليد حلب، وسيكون من أقل الخيارات كلفة، ولاسيما إذا أعطت الدولة المصرية سعراً تفضيلياً لسوريا، حتى أنه يُمكن التعاون مع القطاع الخاص لتوريد كميات كبيرة لتشغيل معامل السيراميك والاسمنت، وهذا يحقق عائدا للدولة من خلال رسوم نقل الغاز، كما يُمكن أن يتم تشغيل معمل السماد في حمص لتأمين جزء مهم من السماد للقطاع الزراعي.
محطات متنقلة
أما الخيار الآخر فيمكن من خلال تخصيص أموال الصيانات التي كانت تخصص لصيانة محطات التوليد التي انتهى عمرها الزمني، كمجموعات بانياس ومحردة لتوريد مجموعات توليد صغيرة باستطاعة 25 ميغا متنقلة، سواء تعمل على الغاز أم الفيول، ووضعها في أرض هذه المحطات، لأنها أولاً تكون حديثة ومردودها مرتفعا، وبذلك نوفر أموالاً كان يتم صرفها لصيانة محطات لن تفيد إلا بالصهر، فتركيب قلب طفل لرجل سبعيني لن يجعله شاباً.
التوليد المائي والمتجدد
الخطوة الأخرى والتي يجب أن تكون في أولى الاهتمامات، فهي بالاتجاه إلى صيانة واستبدال مجموعات التوليد المائي والمتواجدة على السدود المشادة على نهر الفرات (الفرات، تشرين والبعث) وهي تولد 1600 ميغا، لأن ثمن الوقود الذي يتم توفيره لتشغيل 1600 ميغا في المحطات التي تعمل على الفيول والغاز خلال عام واحد يكفي لصيانة واستبدال تلك المجموعات.
أيضا مشاريع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والريحية يجب أن يكون في أولى الاهتمامات، وكذلك الخيار الأسرع لتخفيف مشكلة الطاقة وليس حلها ، وهذا الأمر يمكن أن يقوم به القطاع الخاص بشكل كامل، ولكن بمنح مزايا تشجيعية وضمان حقيقي للمستثمرين بتسهيل عملهم وإدارة الأرباح وضخها في استثمارات أخرى أو إخراجها من البلد، والأمر متاح لتوليد أكثر من 1500 ميغا وربطها بالشبكة لأن الشبكة محدودة ولا تتحمل أكثر من هذه الكمية، ولكن يمكن أن يتم التوليد لمشاريع خاصة غير مربوطة بالشبكة وبكميات كبيرة جداً.
أخيراً..
لن تثمر وعود الإدارة الجديدة ما لم يتم دخول مستثمرين كبار لهذا القطاع، أو بوجود دعم حقيقي من دول الجوار والدول الصديقة، لأن هذه الإدارة ورثت قطاعاً منهاراً ومتهالكاً وخزائن منهوبة وفارغة.