فتحت لها تلك العبارة التي قرأتها للفيلسوفة “جوديثبتلر” ضمن كتابها (الذات تصف نفسها) آفاقاً من تأمّلٍ مدهش وغير متوقع، تقول: “يكون الإشباع نفسه أحياناً الوسيلة التي يتخلى فيها المرء عن الرغبة، الوسيلة التي ينقلب المرء بها ضدّها، ويرتّب لموتها السريع”.
فهل يجب ألا نُشبع رغبتنا بمعرفة الآخر..؟
أخذتْ نَفَساً عميقاً.. وبدا لها أن ذلك يحدّد أطرَ تشكيلِ علاقتها مع الآخر/الآخرين، من جديد.
لم يكن ابتهاجها لجهة اكتشافها أمراً يخصّ الآخر فحسب، ذلك أنها على قناعة أن كلّ حكم على الآخر هو حكم على الذات بالآن عينه.. سواء تشابهنا معه أم كان نقيضاً لنا.
لطالما كانت بعملية بحث دؤوب لمعرفة ذاتها من خلال الآخر.
أما الآن عليها أن تُغفل، قليلاً،”حشريتها” بمعرفة الآخر، أن تُسكت فضولها ورغبتها العارمة بفصفصة كل تحركاته، أقواله، وأفعاله.. وألّا تنشغل كثيراً بالخوض في مجاهل قناعاته وأفكاره.. وإلا دخلت في دائرة لزوم ما لا يلزم.
الآن ستستريح.. ستترك مساحات واسعة لتمتلئ بالكثير مما يغذي استمرار رغبتها باكتشاف “الآخر” دون قصد الإشباع.. ما يعني ترك مجال “حيوي” لإعادة اكتشاف ذاتها.. ووفق “بتلر” (الانحلال في الآخر ضرورة أولية).. كما تذكر المفكّرة الإيطالية “أدريانا كافاريرو”: (أنا موجودة بمعنى مهم بالنسبة لك، وبفضل وجودك… ولا يمكن للمرء الإحالة على “الأنا” إلا في علاقة مع “أنت”، دونما أنت تصبح قصتي مستحيلة).
#صحيفة_الثورة