الثورة – حسين صقر:
كثير من الأشخاص نعيش معهم، ونخالطهم ونحتك بهم، وأحياناً كثير تجمعنا بعض العلاقات المادية والاجتماعية بهم، ولكن نجهل إلى حد كبير ظروفهم ومعاناتهم، وما يواجهونه من مشكلات مع أسرهم وداخل بيوتهم، حيث البيوت أسرار.
فهؤلاء الناس منهم من يعاني الكثير، ولكن يرفض أن يظهر منزعجاً مهما كلفه الأمر، حيث الابتسامة لا تفارق وجهه، وكلامه مع الآخرين معسول، وتراه دمث الطبع، والضحكة لا تفارق محياه، لكن خلف كل ابتسامة تقبع كتلة من الهموم.
أصحاب تلك الحالة يصنفون ضمن المبتسمين المكتئبين، وهم يميلون للتخفي خلف قناع يواري مشاعرهم الحقيقة من الشعور بالحزن والإحباط.
ولتوضيح هذه الحالة تواصلت “الثورة” مع الاختصاصية النفسية نسرين عبد الباري والتي قالت: إن أعراض الاكتئاب المبتسم لا تختلف عن الاكتئاب التقليدي، إلا أن مصابي الاكتئاب الأول قد يجيدون إخفاء معاناتهم، بل قد لا يدركون أنهم مصابون بالاكتئاب، فقط لقدرتهم على الضحك وصنع الابتسامة.
آلام جسدية
وأوضحت أن تلك الأعراض تتطور تدريجياً على مدار أيام أو أسابيع وقد تختلف من شخص لآخر، وتشمل أعراضاً جسدية ونفسية، مضيفة أن الجسدية تتمثل بفقدان الشهية أو زيادتها، وما يترتب عليه من خسارة الوزن أو اكتسابه، بالإضافة لمشاكل بالنوم، حيث يعاني المصابون بذلك من قلة النوم، أو الأرق، وربما صعوبة النوم في الليل والنوم في النهار عوضاً عن ذلك، فضلاً عن الاضطرابات بالجهاز الهضمي، مثل أعراض القولون العصبي، واضطراب المعدة، وقرحتها والصداع، والتعب والخمول، وآلام العضلات والمفاصل.
وقالت يعاني المصابون من ضعف المناعة، وتكرار التوعك، وحدوث تغيرات في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب.
أعراض نفسية
وقالت الاختصاصية عبد الباري: ثمة أعراض نفسية يعانيها مصابو الاكتئاب المبتسم، كالشعور بالحزن، واليأس، والإحباط، والإحساس بالذنب وانعدام القيمة، وفقدان الاستمتاع بالأنشطة المحببة، بالإضافة للميل إلى التفكير في المواقف السلبية، ونوبات من التهيج والغضب، تراجع القدرة على التركيز ومواجهة صعوبة في اتخاذ القرارات، والشعور بالوحدة، ويمكن أن تتطور الحالة أكثر إلى التفكير في الانتحار.
تناقضات المزاج العام
وأضافت: إنه بالرغم من ظهور هذه الأعراض على المصابين بالاكتئاب المبتسم، إلا أنهم يستمرون في الحفاظ على العلاقات الاجتماعية، ويحافظون على أدائهم الجيد في العمل، بل ويبدو عليهم السعادة والتفاؤل.
وأوضحت أن مرضى الاكتئاب لا يدركون أنهم يعانون من ذلك، وربما لا يتقبلون الأمر، ما خلا المتصالحون مع ذواتهم، فقط يقولون: إننا نخفي بهذا الفرح المصطنع والابتسامة الكثير من الأحزان، لذلك، ” خليها بالقلب تجرح”، وتراهم يقومون بالمهام والواجبات من باب الالتزام بالمسؤولية وليس حباً في ذلك.
كما يخفون أي تعبيرات أو علامات تدل على الضعف، وفي أحيان أخرى تراهم يختلقون الأعذار للانسحاب من بعض الأنشطة، وفقدان الشغف فيها أحياناً، فضلاً عن التحدث بشكل فلسفي أو بأسلوب يدل على الاستسلام لمجريات الأمور، وكثرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو مشاهدة التلفزيون أو الأفلام، و الانفصال العاطفي عن العائلة والأصدقاء.
العلاج
وعن كيفية علاج المصابين بالاكتئاب المبتسم، قالت عبد الباري: يمكن عن طريق الدعم الدوائي، حيث يقرر الطبيب خطة العلاج وفقاً لحالة المريض، وبعد التشخيص الصحيح، حيث يتم إجراء تعديلات على الأدوية والجرعات وفقاً للحالة، ولهذا يجب إجراء اختبارات معينة. ونوهت في مثل هذه الحالات، لا ينبغي أبداً التوقف عن تناول الدواء تلقائياً إلا إذا قرر الطبيب المعالج، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم المرض الموجود.
#صحيفة_الثورة