الثورة – ترجمة ختام أحمد:
عاد السوريون إلى التنزه وتدخين الشيشة وسط أنقاض مدينة تدمر القديمة، التي دنسها ذات يوم مسلحو داعش ولكنها لا تزال ملهمة ومفتوحة للجمهور بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وقد اجتاح تنظيم داعش أنقاض المدينة الشهيرة، المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، مرتين، وشرع في تدمير العديد من الهياكل الأكثر شهرة.
وعلى الرغم من طردهم، أقامت الحكومة السورية وحلفاؤها، بما في ذلك روسيا وإيران، قواعد عسكرية قريبة، مما منع الوصول العام فعلياً، وكان ياسر المحمود، 54 عاماً، من بين العشرات من السوريين النازحين سابقاً الذين أعادوا اكتشاف المعالم المحبوبة التي لا تزال تحمل ندوب الحرب، وقال محمود وهو يسكب الشاي الساخن في أكواب زجاجية موضوعة فوق قاعدة حجرية لعمود ضخم: “كنا نأتي إلى هنا كل يوم جمعة، قبل الحرب”.
وقال وهو يقف بالقرب من زوجته وأطفاله: “الآن عدنا ويمكننا إعادة الاتصال بذكرياتنا”،
“الناس سعداء للغاية”، انتشرت العائلات عبر الأنقاض، وكانت تحمل أكياساً من الطعام وتصنع الشاي، بينما كان الشباب يدخنون الشيشة،”لقد افتقدنا الأنقاض حقاً، لم نأت إلى هنا منذ عام 2015″، عندما غزت جماعة داعش المنطقة لأول مرة قبل إجبارها على الخروج نهائياً في عام 2017، وقال محمود: إنه يريد إعادة فتح كشكه لبيع الحلي والمجوهرات بمجرد عودة الزوار إلى تدمر – التي اجتذبت أكثر من 150 ألف سائح قبل عام من اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.
وفي مكان قريب، وقف عمودان ضخمان يشكلان قوساً مربعاً وسط بحر من الأنقاض- كل ما تبقى من معبد بل بعد أن فجّر مسلحو داعش عبوات ناسفة داخله، تُعرف تدمر لدى السوريين باسم “لؤلؤة الصحراء”، وكانت موطناً لبعض أفضل الآثار الكلاسيكية المحفوظة في الشرق الأوسط قبل الحرب السورية التي استمرت 13 عاماً، ولكن داعش شنت حملة تدمير بعد الاستيلاء على تدمر، باستخدام مسرحها القديم كمكان للإعدامات العلنية وقتل رئيس الآثار السابق البالغ من العمر 82 عاماً، فجّر المسلحون ضريح بعل شمين، ودمروا معبد بل، وفجروا قوس النصر، ونهبوا المتحف وشوهوا التماثيل والتوابيت.
ورغم رحيل داعش، لا يزال الخطر يلوح في الأفق فوق تدمر، وقال المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا، نذير عوض، لوكالة فرانس برس: إنه يشعر بالقلق إزاء الحفريات غير القانونية، وأضاف أن هناك حراساً، “لكنني لا أعتقد أنهم قادرون على القيام بعملهم على أكمل وجه، بسبب الحفريات العشوائية والهمجية في مناطق واسعة جداً”، يستخدم الأشخاص الذين يبحثون عن القطع الأثرية القديمة للنهب آلات ثقيلة وأجهزة كشف المعادن “المدمرة”، مضيفاً أن الحفر “يدمر طبقات من المواقع الأثرية، ولا يترك شيئاً خلفه”.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان: إن حلفاء الأسد أقاموا “مواقع عسكرية” في تدمر ومواقعها الأثرية، حتى أنهم اتخذوا من فنادقها مقراً لهم، وفي إشارة إلى وجودهم، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية في تشرين الثاني 106 مقاتلين مدعومين من طهران، وفقاً للمرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له مع شبكة من المصادر في سوريا.
وقال المقاتل السابق في المعارضة المسلحة خلدون الربع، 32 عاماً: إن تدمر تحولت”من موقع أثري إلى منطقة عسكرية” محظورة على الزوار، وإنه عمل في المواقع الأثرية في تدمر منذ الطفولة، حيث كان يوفر للسياح رحلات على الجمال، ومثل العديد من سكان تدمر، كانت السياحة مصدر دخله الرئيسي. والآن بعد أن غادرت الجماعات المسلحة المتحالفة
مع الأسد والجيوش الأجنبية، عاد الربع إلى منزله، وهو يأمل أن يستبدل أسلحته بجمل، لافتاً إلى أن مدينة تدمر والآثار تعرضت لأهوال كثيرة، فقد شهدت المدينة داعش وإيران والروس وكل الميليشيات التي يمكن أن تتخيلها”، كما يقول. ومع ذلك، فهو من المحظوظين الذين تمكنوا من العودة إلى ديارهم بعد 12 عاماً من النزوح.