المحامي ناصر حاج سليمان:
المواطنة قيمة مقدسة عليا من مكوناتها الحقوق والواجبات، ولابد من الانضواء تحت لوائها لكل الولاءات والانتماءات، وهي تزدهر في ظل وجود المجتمع المتحضر لأن المجتمع المتحضر هو فضاء تتحرك فيه مفاهيم العدالة والحق والقانون وقبول الآخر لتتجسد فيه، وهو ليس مرتبطاً بغائية سياسية أو دينية أو مذهبية أو عرقية أو طائفية أو إثنية لأن الأساس أن يستمد المجتمع نفسه ووجوده من احترام الآخر حيث يكون المجتمع سليم معافى.
وعلى هذا فإننا نؤكد على المجتمع المدني المفتوح وأبعاده القانونية وليس المجتمع المغلق (المجتمع الأهلي) حيث ضعف البعد الإنساني في هذا المجتمع (الأهلي) وانعدام البعد الديمقراطي وهزالة البعد الاجتماعي.
وهناك البعض يقوم بتوظيف بعض المفاهيم بشكل خاطىء من خلال استخدام هؤلاء الذين يقومون بتوظيف مفهوم المجتمع المدني سياسياً، وتوظيفهم هذا لا يستمد مشروعيته من الداخل حيث هناك إساءة واضحة لمفهوم المجتمع المدني ولاسيما ممن يطلقون على أنفسهم دعاة المجتمع المدني فهم يريدون حجب حقائق تاريخية واجتماعية وسياسية عمرها آلاف السنين ابتدأت بانطلاقة ثورة الحرف في أوغاريت قبل ستة آلاف عام وانتفاضة العقل في أوروبا منذ عدة قرون، ورسالة الإسلام الذي جاء ليبني دولة ولتنصرف رسالته إلى بناء مجتمع مدني بحق.
فمفهوم المجتمع المدني موجود في عمق الفكر الإسلامي حيث الإشارات المتكررة إلى أم القرى وأهل القرى (المدينة) أي المجتمع المنظم وليس المجتمع الأهلي، “سور البقرة الآية 196- يوسف الآية 109- الأنعام 92 من القرآن الكريم”.
على هذا يستبان أن الآفاق الواسعة والمنفتحة باتجاه الإنسان وبعقلانية وبحوار ومنطقية وتسوير ذلك وتحصينه بالحق والواجب هو القضاء الأرحب الذي تزدهر فيه المواطنة والمجتمع المدني والذي يتطلب توظيف كافة المكونات والانتماءات الأسرية والقومية والدينية والحزبية والعرقية باتجاه خدمة المجموع وجعلها قوة داعمة ودافعة لمفهوم المواطنة.
– الحقوق والواجبات والمواطنة..
الحق والواجب متلازمان فما من إنسان إلا ويحتوي فكرة واجب مترتب للآخر حياله له وتلازمية الحق والواجب وتنظيمها هي قرب من العدالة.
وأن حقوق الإنسان هي مجموعة الحقوق الملازمة لإنسانيته والمطلوبة لممارسة دوره وهي ليست منة من أحد، ودور الدولة يكون في تنظيمها وقوننتها وعلى كل الدول أن تكيف أنظمتها وتشريعاتها بما يحترم ويكرس هذه الحقوق.
وقد صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10\12\1949 وعدد حقوق الإنسان في الحياة- الحرية- الكرامة- المساواة أمام القانون- حق الجنسية (وهي حقوق فردية)، وأما الجماعية (حق تقرير المصير- احترام سيادة الدول) فتنظمها مبادئ ومواثيق أخرى كونها حقوق جماعية للشعوب.
وتتكون شرعة حقوق الإنسان الدولية حالياً من خمسة وثائق:
1- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
2- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
3- العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
4و5 – بروتوكولان اختياريان يُعنيان أساساً بالتطبيق.
وأما حقوق الإنسان في الوطن العربي ثمة ضغوط عليها سياسية وقانونية واجتماعية وثقافية وتختلف من قطر إلى آخر ومن ميدان ومجال لآخر، وإن حرية الرأي والتعبير فيها من المعاناة الكثير، ولعل هذا التردي له أبعاد مختلفة منها ما يتعلق بالسلطة العربية وقضية ممارسة هذه الحقوق والنظر لها كمنحة ومنة إن وجدت ومنها ما هو مرتبط بالمجتمع ومستوى الوعي وتفهم دور الدولة والعلاقات بين أبناء المجتمع والبعد الثالث هو الاختلاف في مفهوم هذه الحقوق وعدم اعتماد الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كمرجعية.
#صحيفة_الثورة