الثورة – ناديا سعود وحسين إبراهيم:
أصبحت مهارات مهندس الشبكات المفتاح الأساسي في سوق العمل التنافسي والمتطور، والحاجة باتت ملحة لوجود محترفين يمتلكون المعرفة والقدرة على ابتكار الحلول والتكيف مع التغيرات السريعة، إذ أصبحت هذه المهارات الركيزة الأساسية لنجاح أي منظمة في عالم سريع التغير.
عن تجربته الخاصة، يقول المهندس محمد خير حلاق- المتخصص في نظم الاتصالات والشبكات: إنه اعتمد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي كمساعد في عمله في عدة مجالات.
المراقبة والتحليل
وأوضح لـ “الثورة” أن أجهزة الاتصالات تقوم بحفظ تقارير الحركات، وهذه التقارير تُستخدم لمعرفة تفاصيل المشكلات عند وقوعها، والمشكلة أن هذه التقارير تسجل يومياً حوالى أربعة آلاف سطر، مما يجعل تحليلها يدوياً مهمة صعبة على أي شخص.. لذلك، قمت بإعداد مخدم أشاركه مع نظام ذكاء اصطناعي، وأرفع إليه هذه البيانات ليقوم بتحليلها وتقديم النتائج بشكل دقيق، على سبيل المثال، في حال حدوث مشكلة أو هبوط في الشبكة أثناء غيابي، أعتمد على مساعد الذكاء الاصطناعي لدراسة الحركات وتحليل التقرير مع تحديد وقت وقوع المشكلة.
ولفت إلى أن التحليل الذي يقدمه الذكاء الاصطناعي يساعدني على اكتشاف سبب المشكلة بسرعة ودقة، تظهر أهمية ذلك عند المقارنة بالطريقة التقليدية، حيث كنا نضطر لقراءة التقارير سطراً سطراً، وهو ما كان يتطلب وقتاً طويلاً. بمساعدة الذكاء الاصطناعي، اختصرنا الوقت ورفعنا دقة التحليل لتتجاوز 75% مقارنةً بنسبة 25% التي كنا نحصل عليها سابقاً باستخدام الطرق التقليدية.
التحليل الآني للشبكة
ويضيف حلاق أن إحدى الميزات الواضحة للذكاء الاصطناعي هي قدرته على أتمتة العديد من جوانب مراقبة الموظفين والتحليل الآني لسلوكهم. المهام التي كانت تتطلب في السابق تدخلاً بشرياً، مثل مراقبة استخدام الكمبيوتر، وتصفح الإنترنت، وسجلات الاتصالات، يمكن الآن أن تتم بسلاسة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ويمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي مراقبة سلوك الموظفين بشكل دقيق، على سبيل المثال، إذا حدث اختراق من خلال موظف داخل الشركة، فإن تطبيقات الحماية التقليدية قد لا تكون فعالة لأن الصلاحيات متوفرة لهذا الموظف الذي قد يقوم بعملية تخريبية من الداخل. في هذه الحالة، لا يمكننا التكهن بنوايا كل موظف، ولكن الذكاء الاصطناعي يساعد من خلال تحليل سلوك الموظف.
إذا لاحظ نظام الحاسوب أن الموظف يقوم بطلب مواقع بروكسي من داخل الشركة أو يتصفح مواقع متخصصة بعمليات التخريب، فإنه يصدر تنبيهاً يشير إلى أن هذا الموظف يحاول استكشاف الشبكة والتجهيزات المتوفرة. هذا التنبيه يتيح لي اتخاذ القرار المناسب لمنع وقوع أي ضرر مستقبلي.
ويشير الحلاق أيضاً إلى استخدام آخر للذكاء الاصطناعي في مجال عمله، وهو تحليل الشبكة وكشف الثغرات والعيوب.
نموذج التشخيص الشعاعي
وبيّن الحلاق أن الذكاء الاصطناعي حقق تقدماً كبيراً في العديد من الجوانب الطبية مثل التشخيص الشعاعي، حيث وصلت نسبة الدقة فيه إلى 96%، بينما لم تتجاوز أفضل قراءة للأطباء 75%. كما أن الذكاء الاصطناعي يستطيع تحليل الحالة الصحية الكاملة للمريض بمجرد معرفة الأعراض.
يطرح الحلاق مثالاً شخصياً عن حالة طفل شغلت مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لم يستطع أحد تشخيص حالته من خلال الصور الشعاعية، ولكن عندما عرضت تلك الصور على تطبيق الذكاء الاصطناعي، قام بتحليلها بالتفصيل، وكان الخيار الأول الذي قدمه هو التشخيص الصحيح، هذا يبرز أهمية الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، كونه تدرب على عشرات الآلاف من الصور الشعاعية، بينما لا يمكن للطبيب أن يتدرب إلا على آلاف قليلة طوال حياته.
ويضيف الحلاق أن الذكاء الاصطناعي يعتبر استشارياً رائعاً في المجال الطبي، لأن الطبيب قد تنقصه الذاكرة المرجعية، بينما الذكاء الاصطناعي يمتلك ذاكرة قوية وحاضرة دائماً. الأخطاء الطبية غالباً ما تحدث بسبب ضعف الذاكرة أو نقص المعلومات، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي لتقليل هذه الأخطاء وتقديم تشخيصات دقيقة.
الجودة والاستدامة
ولم يتوقف الذكاء الاصطناعي عند هذا الحد، حسب الحلاق، فقد تم استخدامه في مجال العمارة، مما شكل تحولاً كبيراً في عملية التصميم والبناء. ساعد الذكاء الاصطناعي على تحقيق الأهداف الأساسية لأي مشروع عمراني مثل الجودة، والاستدامة، والأمان، والتكلفة، من بين تطبيقاته العمل كنظام تحقق إضافي وكشف العيوب في التصاميم الهندسية، مثل نقاط الضعف في الهيكل بسبب المواد المعيبة أو تقنيات البناء، وتقييم التصاميم والهياكل القائمة للمعماريين وتحديد مناطق الخطر قبل بدء العمل.
الميديا والذكاء الاصطناعي
كان التصميم في الماضي يعتمد بشكل كبير على الموهبة في التشكيل والأفكار والجمال، لكنه اليوم يتحول شيئاً فشيئاً إلى نصوص وإبداع في الكتابة، ليتولى الذكاء الاصطناعي إنتاج التصميم المناسب بخيارات متعددة تتناسب مع النص المكتوب. بذلك، يتحول الذكاء الاصطناعي من مجرد مساعد إلى مبدع، بالإضافة إلى إبداعه في مجال إنتاج الفيديو.
نموذج ديب سيك
ذكر الحلاق أن الصعود المفاجئ لتطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني “ديب سيك”، الذي تصدر متاجر التطبيقات وأثار قلق المستثمرين، ولاسيما في الولايات المتحدة، جاء نتيجة لعدة عوامل. من بينها التكلفة المنخفضة لتطوير التطبيق، وانتشاره السريع، وتأثيره المباشر على أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى. وأصبح بإمكان الشركات التي تملك عشرة ملايين دولار أن تنشئ ذكاء اصطناعياً خاصاً بها. نظراً لأن الذكاء الاصطناعي لا يمتلك سرية للمعلومات، فإن امتلاكه يعتبر مهماً لحفظ المعلومات وحصر الاختصاص.
تجدر الإشارة إلى أن هذا النص عُرض على تقنيات الذكاء الاصطناعي حيث تمت مراجعته لضمان الدقة والجودة.
#صحيفة_الثورة