الثورة-ترجمة ميساء وسوف:
في وسط أنقاض سراقب، لا تزال بعض كتابات الجرافيتي التي يعود تاريخها إلى وقتها كمركز لانتفاضة الربيع العربي عام 2011 باقية، تقول إحداها: “ستستمر الثورة”، وتقول أخرى:”غداً تشرق الشمس”.
بعد أسبوع من الهزيمة المذهلة لبشار الأسد على يد القوات المعارضة بقيادة جماعة هيئة تحرير الشام، كانت هذه البلدة الصغيرة المكونة من الخرسانة والتربة الحمراء وبساتين الزيتون في شمال غرب سوريا محطة في رحلة الغارديان التي يبلغ طولها 450 كيلومتراً على طول الطريق السريع M5، الذي يربط جميع المدن الرئيسية في البلاد وست محافظات معاً.
كانت المعاناة ملموسة في كل مكان، من الأقارب الذين يبحثون عن أحبائهم في سجون دمشق، إلى النازحين الذين ما زالوا يعيشون في خيام في إدلب.
ولكن بعد 13 عاماً من التضحية والدماء والمنفى، فإن الرغبة في الحرية التي غذت الثورة الشعبية في سوريا لا تزال قائمة، ففي عشرات المقابلات التي أجريت في محافظة إدلب، معقل هيئة تحرير الشام، وكذلك في حلب وحمص ودمشق، خرجت قصص من أشخاص اندهشوا من قدرتهم على التحدث علانية بعد أكثر من 50 عاماً من الدكتاتورية.
قال حسين الخالد (37 عاماً)، الذي فر من سراقب إلى مدينة إدلب الآمنة نسبياً عندما سقطت المدينة في أيدي الأسد في عام 2020 : “لقد دفعنا ثمناً باهظاً لحقوق الإنسان الأساسية وكرامتنا، كنا ننتظر هذه اللحظة منذ عقود”.
كان الهجوم غير المسبوق الذي قادته هيئة تحرير الشام والذي دفع الأسد إلى الفرار إلى روسيا قيد الإعداد لمدة عام، لقد بدأ في مدينة إدلب، حيث لا تزال ندوب الحرب واضحة، وحيث تعرضت بعض المباني للقصف بالصواريخ، وتنتشر المواقع العسكرية المهجورة في الريف المحيط.
كانت محافظة إدلب موطناً لنحو مليون شخص قبل الحرب، لكن عدد السكان تضخم إلى حوالي 4 ملايين،مع فرار موجة تلو الأخرى من هجمات النظام في أماكن أخرى.
اليوم، هناك ما يميز إدلب عن بقية البلاد، فقد اختنقت سوريا بالعقوبات الاقتصادية وفساد النظام، ويعيش أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، ولكن في إدلب، هناك إنترنت 4G، وخدمات المياه والكهرباء وجمع القمامة، وحكومة الإنقاذ، مشروع بناء الدولة التابع لهيئة تحرير الشام، والتي قامت ببناء الطرق والمدارس والمستشفيات.
وقال أبو عبيدة (25 عاماً)، وهو قائد في لواء عاصفة الشمال المدعوم من تركيا والذي قاتل إلى جانب هيئة تحرير الشام للسيطرة على حلب، إن الشعب السوري لا يحتاج إلى الخوف.
وقال”لقد دخلنا كل المدن ولم ير الناس منا سوى الكلام الطيب والمعاملة الطيبة”، وأضاف “ليس لدينا كراهية طائفية، ومن واجبنا حماية الأقليات لأنها تحت حكمنا”.
كانت أجزاء كثيرة من دمشق معزولة نسبياً عن الصراع الذي اندلع في أماكن أخرى من سوريا، وقد أصيب سكانها بالصدمة إزاء وصول مقاتلي المعارضة إلى شوارعها.
وفي ساحة العباسيين الشهيرة في المدينة، أقيمت احتجاجات مؤيدة للديمقراطية لأول مرة منذ عام 2011، ومن ناحية فإن حرية التعبير والتجمع المكتسبة حديثاً أمر مدهش؛ ومن ناحية أخرى، من المقلق أن يشعر السكان بأنها ضرورية.
وكانت نوارة البريدي (29 عاماً)، وهي صحفية إذاعية، من بين المحتجين، وقالت: إن “الشباب اجتمعوا هنا اليوم لضمان أن تكون سوريا لكل السوريين، وليس لحزب أو أيديولوجية معينة،
نحن لسنا خائفين من التعبير عن آرائنا كما كنا من قبل، ولكننا نأمل ألا يكون هناك خوف من أشياء أخرى في المستقبل”.
في نهاية المطاف، فشلت انتفاضات الربيع العربي في مصر وليبيا وتونس واليمن، وفي سوريا، ألقى سفك الدماء الناجم عن الحرب الأهلية والإرث القاسي لنظام الأسد بظلاله القاتمة، ولكن الفرصة سانحة الآن أمام البلاد لشق طريق مختلف.
المصدر-The Guardian
#صحيفة_الثورة

السابق