الثورة – منذر عيد:
من الظلم والإجحاف، إنكار الأهمية والآثار الايجابية للخطوات المتسارعة التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن رفع العقوبات عن سوريا، ومساعدتها للنهوض من جديد من تحت ركام سنوات طويلة من الحرب، أتت على كل شيء في البلاد، والتي كان آخر تلك الخطوات الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب بالأمس، وأنهى بموجبه “حالة الطوارئ الوطنية” القائمة بشأن سوريا منذ عام 2004 والتي فرضت بموجبها عقوبات شاملة على دمشق، ليبقى سؤال لا يمكن القفز من فوقه أو تجاهله، هل جميع الإجراءات الأميركية تجاه سوريا تهدف فعلاً إلى هدم سور العقوبات المفروض على دمشق، أم أنها مجرد باب فيه، ليتم من خلاله الدخول إلى ملفات وقضايا أخرى؟ بمعنى هل يمكن لترامب التخلي عن جميع أوراق الضغط (العقوبات) ويجنح لمساعدة سوريا لمجرد المساعدة؟.
عود على بدء..
من المؤكد أن قرار ترامب يشكل خطوة إضافية نحو الوصول إلى إلغاء جميع العقوبات على سوريا، ويفتح الأبواب واسعة لدخول الاستثمارات العربية والأجنبية إليها، كما أنه يساهم بشكل كبير في إنهاء عزلتها وبعدها عن النظام المالي العالمي، وهو ما أكده وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني في منشور على منصة “X” بقوله: “نُرحب بإلغاء الجزء الأكبر من برنامج العقوبات المفروضة على الجمهورية العربية السورية، بموجب القرار التنفيذي التاريخي الصادر عن الرئيس ترامب، يمثل هذا القرار نقطة تحول مهمة من شأنها أن تُسهم في دفع سوريا نحو مرحلة جديدة من الازدهار والاستقرار والانفتاح على المجتمع الدولي (…) يفتح الباب أمام إعادة الإعمار والتنمية التي طال انتظارها(…) نقطة تحول تدفع سوريا نحو مرحلة جديدة من الازدهار والاستقرار».
ردود الفعل والإشادات العربية والدولية بالقرار الأميركي، يعكس مدى أهميته في المساهمة بعملية تعافي سوريا، كما أأنه يشكل نقطة تحول تاريخية، تعيد لسوريا موقعها الطبيعي على خارطة الاقتصاد الدولي، حيث أكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون أن الأمر التنفيذي خطوة مهمة نحو التعافي والاستقرار وبناء مستقبل أفضل لسوريا، وفق ما نقل مركز أنباء الأمم المتحدة، والذي ذكر أيضاً أن المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك قال بدوره: “أكدنا، وما زلنا نؤكد أهمية ضمان الاستفادة الكاملة من جميع إجراءات تخفيف العقوبات، وتوفير الدعم المالي والموارد بالتزامن مع تخفيفها”، وسط الايجابيات الكبيرة المرتقبة لتنفيذ قرار ترامب والذي يدخل حيز التنفيذ اليوم الثلاثاء، ثمة ما يعكر صفو المشهد العام، ويترك نقطة سوداء في المشهدية البيضاء العامة، حيث تؤكد صحيفة “المونيتور” الأميركية أن سوريا مازالت حتى بعد توقيع الأمر التنفيذي مصنفة كدولة راعية للإرهاب منذ عام 1979، وهو تصنيف يفرض قيوداً صارمة على المساعدات الخارجية ويحظر تصدير الأسلحة إليها، لتضيف الصحيفة “ولا تزال عقوبات الكونغرس المشددة، خاصة قانون قيصر الذي صُمم لفرض عزل مالي على نظام بشار الأسد قائمة وصامدة.. رغم إصدار إعفاء مؤقت لمدة ستة أشهر لبعض هذه العقوبات، لكن قيصر لا يزال يحد بشدة من قدرة دمشق على التعافي”.
يقولون لا يوجد شيء في السياسة مجاني، فهل ما أقدم عليه ترامب يعد كذلك، وهدفاً رئيساً بحد ذاته دون مقابل، وهو الشهير بعقليته التجارية وحسابات رجال الأعمال، أم ثمة مقابل يسعى ترامب للحصول عليه من دمشق؟ خاصة مع تواتر الحديث عن مسعاه لتوسيع مروحة “اتفاقيات أبراهام”، في المنطقة، بحسب ما صرح المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.