الثورة – وعد ديب:
لكل مدينة طقوسها وموروثها وعاداتها المميزة بها كما مدن الشرق كلها، ولعل مدينة دمشق تميزت عن غيرها من مدن سورية بعادة جميلة ومنذ قرون عدة، وهي تكريزة رمضان التي اعتادها أهل دمشق، ليودعوا شهر شعبان ويستقبلوا شهر رمضان المبارك.
ومن ثم انتشرت لباقي المدن لما لها من جمالية وتفرد وما تحمله من فوائد فكرية وثقافة شعبية.
كلمة سوريّة
عن معنى التكريزة ودلالاتها أوضحت الدكتورة سلوى شعبان شعبان- الباحثة في القضايا التنموية والاجتماعية لصحيفة الثورة، أن تكريزة رمضان كلمة سوريّة- بحسب المؤرخين- ويقصد بها الكزدورة أو السيران أو النزهة إلى الطبيعة وجمالها إلى أرجاء دمشق وريفها، فكان الناس يذهبون إلى الغوطة الشرقية للتمتع بالطبيعة وأشجارها وخضارها وظلالها وينابيعها المدرارة دوماً بمياه عذبة على مدار العام.
مأكولات شعبية
وتتابع: تجتمع الأسرة سواء كانت صغيرة أم كبيرة غنية أم فقيرة مع الأقارب والأصحاب والجيران حاملين معهم مأكولاتهم البسيطة والشعبية التقليدية، فإما يحضرونها في المنزل أو يشعلون النار ليطهوها ويطبخوها على جمر الأخشاب اليابسة فتعطي طعماً لذيذاً مميزاً، كالمجدرة والمقالي والمشاوي والسلطات والعصائر الطبيعية، ليجلسوا ويتمتعون بها مع الأغاني الفلوكلورية والمنولوجات الشعبية التراثية كالميجاتا وأبو الزلف والعتابا، مع وجود الدربكة والطبل والمزمار والناي، مع ممارسة بعض الألعاب كالورق والبرسيس وغيرها.
مشاعر الإخوة
وبحسب- الدكتورة شعبان- تبدأ هذه التكريزة ببداية النهار وتنتهي بعد العصر بعودتهم للمنازل وقد حملوا مشاعر الأخوة والتقوى والمودة والارتباط بالأرض والوطن.
وكل ذلك قبل حلول شهر الرحمة والبركة شهر رمضان بيوم أو يومين، لأنهم سينصرفون في رمضان للعبادة والصيام والتراويح والنوافل وقراءة القرآن.
رسالة معتادة
ولو نظرنا إلى هذه العادة – والكلام للباحثة في القضايا التنموية والاجتماعية – من مجمل عادات كثيرة نمارسها كطقوس تراثية سورية لوجدناها من أجمل العادات التي نتغنى بها ونحتفل بقدومها، لأنها باب للرحمة والإخوة ولتجديد وتوطيد الألفة والمحبة وصلة الرحم والقربى والتلاحم الأسري.
هي رسالة معتادة لتبقى راسخة عند الأجيال المتتالية لتحفظ إرثنا الثمين، وعاداتنا الجميلة التي تميزنا عن باقي المجتمعات العربية الإسلامية.