LSE Blogs: إستراتيجية أوروبا في سوريا

الثورة – ترجمة هبه علي:

كان انخراط أوروبا مع النظام الذي تأسس مؤخراً في سوريا سريعاً بشكل ملحوظ، ففي كانون الثاني 2025، زار وزيرا الخارجية الألماني والفرنسي، أنالينا بيربوك وجان نويل بارو، دمشق للقاء الحكام المؤقتين هناك، بعد أقل من شهر من سقوط بشار الأسد في كانون الأول 2024.
وكان هذا النهج مختلفاً بشكل كبير عن النهج المتبع بعد عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في عام 2021، ما يسلط الضوء على تعقيد الدبلوماسية الحديثة والعوامل الجيوسياسية والأيديولوجية المعقدة التي تدفع قرارات السياسة الخارجية الأوروبية في الشرق الأوسط.
لقد جاءت عودة طالبان في خضم الانسحاب الفوضوي للقوات الأمريكية، وهي الكارثة التي أبرزت الأخطاء الإستراتيجية التي ارتكبها الغرب، وعلى الرغم من الوعود الأولية بالاعتدال، سرعان ماتراجعت طالبان عن مسارها، ففرضت قيوداً شديدة على حقوق المرأة والتعليم، وقد عزز هذا التحول القمعي مكانتها كدولة منبوذة في نظر الديمقراطيات الغربية، حيث تشكل المساواة بين الجنسين والشمول جزءاً لا يتجزأ من الحياة العامة والسياسية.
وعلى النقيض من ذلك، عملت السلطة الحاكمة السورية الجديدة بكل دقة على ترسيخ صورة البراغماتية والإصلاح، ومن خلال نبذ الروابط المتطرفة، واعتماد الخطاب الشامل، والالتزام بالحفاظ على تعليم المرأة، سعت إلى إبعاد نفسها عن الإخفاقات والتطرف المرتبطين بنظام الأسد والحركات الإسلامية المنافسة، وتلقى مثل هذه التحركات صدى قوياً في أوروبا، حيث يتشكل الرأي العام من خلال القيم الديمقراطية والتشكيك في الأصولية الدينية.
لقد أظهرت القيادة السورية الناشئة فهماً للعلاقات العامة، حيث وضعت نفسها استراتيجياً كشريك للاستقرار، وعلى النقيض من صورة طالبان الصارمة والانعزالية، تبنت السلطات السورية إمكانية الوصول إلى وسائل الإعلام والبصريات الحديثة.
كما إن المشهد الجيوسياسي يؤكد بشكل أكبر على نهج أوروبا، فقد عزز غزو روسيا لأوكرانيا شباط 2022 مكانتها العدائية في الغرب، وأصبح نظام الأسد الحليف القديم لروسيا امتداداً لنفوذ موسكو في الشرق الأوسط، ومع الإطاحة بالأسد، ترى أوروبا فرصة لإضعاف موطئ قدم روسيا في المنطقة.
وعلى نحو مماثل، يتماشى تراجع نفوذ إيران في سوريا ما بعد الأسد مع الأهداف الإستراتيجية الأوروبية والأميركية لمواجهة طموحات طهران الإقليمية، ومن خلال التعامل مع حاملي القوة الناشئة في سوريا، تشير أوروبا إلى التحول نحو التحالفات التي تحد من القوى الاستبدادية والمعادية للغرب.
إن الأقلية المسيحية في سوريا ومبادرات النظام الانتقالي نحو التعايش الديني والعرقي توفر جاذبية إضافية لصناع السياسات الأوروبيين، إن حكم طالبان الذي يهيمن عليه السنة، إلى جانب قمعه للنساء الأفغانيات، وحقهن في التعليم، وإساءة معاملة الأقليات، و يسلط الضوء على عدم توافقه مع المثل الغربية للتعددية.
إن الالتزام التاريخي لأوروبا بالتعددية وحقوق الإنسان يضع معياراً واضحاً يتعارض مع نهج طالبان، الذي يتميز بحكمه الاستبدادي وحرمانه المنهجي من الحريات الأساسية، ومن خلال فرض تفسيرات صارمة للإسلام، لا تعمل طالبان على تقييد حقوق المرأة فحسب، بل إنها تخنق أيضاً حقوق الأقليات الدينية والعرقية، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم التوترات مع التوقعات الدولية للحكم الذي يحترم القيم التعددية.
وعلى النقيض من ذلك، وضعت القيادة المؤقتة في سوريا نفسها كحارسة للتنوع، مؤكدة على التسامح في منطقة غالباً ما تتسم بالصراع الطائفي.
المصدر-LSEBlogs
#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
بين القرار والصدى ..المواطن يشد أحزمة التقشف الكهربائي الاستثمارات السعودية في سوريا.. بين فرص التعافي وتحديات العقوبات المركزي قدم أدواته .. لكن هل نجحت بضبط سعر الصرف؟ من الإصلاح الداخلي إلى الاندماج الدولي... مسار مصرفي جديد متدربو مدارس السياقة بانتظار الرخصة انضمام سوريا المرتقب إلى التحالف ضد "داعش".. مكاسب سياسية وأمنية الدفاع المدني يُخمد حريقاً كبيراً في الدانا ويحمي المدنيين من الخطر عودة الدبلوماسيين المنشقين.. مبادرة وطنية تساهم بإعادة بناء الوطن إغلاق معمل "الحجار" يعود لارتفاع التكلفة وضعف الكفاءة التشغيلية إلزام المنتجين بتدوين سعر البيع للمستهلك ..هل يبقى حبراً على عبوة ؟!    المراكز الزراعية.. تحديات الرواتب المنخفضة وفوضى المدخلات تهدد الأمن الغذائي التحليل الإحصائي للبيانات يعزز استقرار النظام المصرفي حرق النفايات حلّ.. في طياته مشكلات أكبر بين الإصلاح والعدالة طفرة الذكاء الاصطناعي هل تنتهي ؟ التغذية والرياضة..لتجاوز سنّ اليأس بسلام وراحة مؤسسة بريق للتنمية ..دعم مبادرات الشباب واليافعين والمرأة كيف يشعر الإنسان بالاغتراب في المكان الذي ينتمي إليه؟ مبادرات مجتمعية تنهض بالنظافة في حي الزاهرة بدمشق التضليل الإعلامي.. كيف تشوه الحقائق وتصنع الروايات؟