الثورة – سومر الحنيش:
مع عودة النشاط الرياضي في سوريا، وبدء الأندية بانتخاب إداراتها الجديدة، يتجدد الحديث عن الدور المحوري للقطاع الخاص في دعم الرياضة، سواء من منظور استثماري أم كواجب وطني، فالرياضة ليست مجرد لعبة أو منافسة، بل هي استثمار طويل الأمد في المجتمع والشباب وصورة الوطن.
بين الاستثمار والواجب الوطني
على مدار السنوات الماضية، عانت الرياضة السورية من تحديات كبيرة، أبرزها قلة التمويل وضعف البنية التحتية، وفي الوقت الذي تتعافى فيه البلاد، تظهر الحاجة إلى موارد مالية وخبرات إدارية يمكن للقطاع الخاص تقديمها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل دعم القطاع الخاص للرياضة ينظر إليه كاستثمار يعود عليه بالربح، أم كواجب وطني يسهم في بناء المجتمع؟
يقول مجد الأحمد، رجل أعمال ومؤسس شركة ناشئة: “القطاع الخاص يبحث عن عوائد من استثماراته، ولكن عندما يتعلق الأمر بالرياضة، هناك أيضاً جانب معنوي ووطني، رعاية الأندية والمواهب الشابة ليست فقط عن تسويق العلامة التجارية، بل عن ترك بصمة إيجابية في المجتمع”.
ويضيف: “المعادلة الناجحة تكمن في تحقيق التوازن بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة، الشراكات الذكية بين الأندية والشركات يمكن أن تسهم في تطوير الرياضة وفي الوقت ذاته تعزز من حضور الشركات في السوق”.
نماذج ناجحة… ولكن!
على الرغم من التحديات، هناك تجارب ناجحة تستحق التوقف عندها، بعض الشركات المحلية بدأت فعلاً برعاية فرق رياضية وتمويل بطولات محلية بشكل جزئي، مما سيساعد في تخفيف الأعباء عن الأندية وإتاحة الفرصة للرياضيين لتطوير مهاراتهم.
لكن تبقى الحاجة إلى إطار قانوني وتشريعي يحفز القطاع الخاص على الاستثمار في الرياضة من خلال تقديم حوافز ضريبية أو منح امتيازات دعائية، كما يجب على الأندية أن تظهر احترافية في التعامل مع الرعاة، وتقديم خطط واضحة لكيفية استثمار الدعم المقدم.
خطوات نحو المستقبل
لإنجاح الشراكة بين الرياضة والقطاع الخاص، من الضروري اتخاذ خطوات مدروسة، وأهمها توفير بيئة قانونية جاذبة للاستثمار الرياضي، وتعزيز الشفافية في إدارة الأموال المقدمة من القطاع الخاص، وإطلاق مشاريع مشتركة بين الأندية والشركات لخلق فرص متبادلة، وتقديم تسهيلات للشركات الراعية، مثل السماح لها بإقامة فعاليات تسويقية داخل المنشآت الرياضية.
فرصة لا تفوت
الرياضة السورية اليوم أمام فرصة للاستفادة من الدعم الذي يمكن أن يقدمه القطاع الخاص مع تحول الرياضة الى اقتصاد، ومع إدراك الشركات أن الاستثمار في الرياضة ليس مجرد دعم مؤقت، بل هو بناء لعلاقة مستدامة مع الجمهور والمجتمع، يمكن للرياضة أن تحقق قفزة نوعية تعيد لها ألقها وتساهم في رسم مستقبل أفضل للشباب والرياضة في سوريا.
فرصة لا تعوض
القطاع الخاص ليس خياراً لدعم الرياضة، بل هو مفتاح البقاء، الأموال التي تضخ في رعاية المواهب أو إصلاح الملاعب اليوم، ستعود بعد سنوات بمردود مجتمعي واقتصادي يفوق التكاليف، اللاعب الصغير الذي ترعاه شركة اليوم قد يصبح نجماً عالمياً يذكر اسمها كلما ذكر اسمه.
في (10) نيسان، لن تكون عودة النشاط الرياضي مجرد مباريات، بل إعلان بأن سوريا قادرة على إعادة تشغيل قلبها النابض بالحياة، لذلك الشراكة مع القطاع الخاص هي السبيل الوحيد، فهل نستطيع تحويل هذا الحلم إلى واقع؟ الجواب يعتمد على ما نفعله غداً.