رمضان الأول بعد سقوط النظام.. مواطنون: نعيش اليوم رمضاننا بعد ٦٠ عاماً من القمع والخوف

الثورة – سومر حنيش:

  1. في زقاق بـ”سوق الحميدية” الدمشقي، حيث تتدلى فوانيس ملونة بسيطة، يقف أبو أحمد (54 عاماً) أمام دكانه الذي يبيع التمر والخضروات: “كنا نبيع 20 نوعاً من الحلوى، واليوم التمر هو كل ما أستطيع بيعه، لكن على الأقل اختفى الخوف من الاعتقال بسبب التداول بالدولار!”.
    المشهد يعكس تناقضات رمضان الأول بعد سقوط النظام المجرم، فوانيس تحاول الإنارة فوق اقتصاد منهك، ومواطنون يتنفسون هواء الحرية، بينما تختنق جيوبهم بأزمة معيشية لم تنهها العقوبات المخفضة.
    بعد ٦٠ عاماً من القمع
    في مخيمات الشمال السوري، حيث بدأت عائلات بالنزوح العكسي إلى مدنها الأصلية، تحاول منظمات الإغاثة تحويل “طرود النجاة” إلى موائد جماعية، يقول محمود البكري (40 عاماً)، عائد حديثاً إلى منزله المهدم في دير الزور: “قبل سقوط النظام، كنا نأكل التمر والعدس في المخيم، اليوم نطبخ الأرز بالدجاج، لم أكن أحلم بأنني سأعود إلى منزلي ومدينتي وأعيش شهر رمضان هنا، هذا إنجاز بحد ذاته، صحيح أن المنزل مهدم، وأننا نعاني غياب الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والإنترنت وغيرها، المهم أننا نعيش اليوم رمضاننا الأول بعد ٦٠ عاماً من القمع والخوف”.
    أسعار لا تزال مرتفعة ودولار ينخفض!
    في العاصمة دمشق، انخفض سعر الدولار من ١٥ ألفاً إلى 10 آلاف ليرة بعد رفع بعض العقوبات الجزئي، لكن الأسعار ظلت عصية على إمكانات المواطن ودخله، سعر كيلو السكر قفز إلى 9500 ليرة (ما يعادل دولاراً واحداً)، الخضار أيضاً شهدت ارتفاعاً بينما لا يتجاوز راتب الموظف الحكومي 40 دولاراً شهرياً، ويقول موظفون من شتى القطاعات: إن حالة عدم الانتظام في تسليم الرواتب حالياً أربكت الناس الذين رغم قلة دخلهم، إلا أنهم كان لهم برنامج منظم للصرف، ولا تنسوا أن الآجارات تضاف إلى جملة هموم الناس.
    تقول أم ياسر (50 عاماً) وهي تبيع الكنافة في السوق: “الناس تشتري ربع كيلو بل والأوقية بدلاً من كيلو، لكن مجرد عودتهم لشراء الحلويات، بعدما انقطع أغلب السوريين عنها زمان النظام البائد يشعرنا أن شيئاً ما يتحرك”.
    “اقتصاد الظل” ينتعش مع انكماش “اقتصاد الضوء”
    مع عودة آلاف المغتربين حاملين مدخراتهم، تشهد المدن الكبرى حراكاً غير مسبوق، في حلب ودمشق مثلاً، أعلنت مطاعم عن “موائد إفطار” بأسعار متوسطة (٢٠ دولاراً للشخص)، وهذه ليست للموظفين ولا لذوي الدخل المحدود، إنها تستهدف هؤلاء العائدين ومعهم العملات الصعبة الدولار واليورو والريال والدرهم، بينما يعيد مغتربون آخرون مثل خالد السعيد (34 عاماً) فتح مشاغل خياطة: “أرسلت مدخراتي من ألمانيا لمساعدة أخي في مشروع مشغل خياطة، النظام سقط، لكن آثاره تحتاج سنوات لتمحى”.
    لكن تقارير محلية تحذر من أن “الطفرة” هشة فنسبة 70% من السوريين ما زالوا تحت خط الفقر، لا أحد منذ أيام النظام البائد يعتمد على راتبه، فالراتب اليومي يعني أقل من دولار في اليوم، والفساد الوظيفي الذي انتشر بشكل هائل سمح لفئة منهم بالعمل خارج الوظيفة، ومنهم من يتلقى بعض الحوالات، لكن الطبقة الأكثر في حالة فقر شديد، وتسودها البطالة، وترى هذه الطبقة تتجول في الأسواق بحثاً عن المواد ذات الجودة السيئة، خصوصاً أن بعض مليشيات النظام السابق مازالت تهيمن على بعض القطاعات بأسماء مختلفة.
    ويقول خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه: “الفساد لم يسقط بل غير جلده فقط حاله كحال الكثيرين”.
    اجتماعياً… رمضان افتراضي
    الشتات السوري الذي خلفه النظام المجرم حول طقوس الشهر إلى شاشات هواتف، تقول سلوى (45 عاماً)، وهي أم مهجرة قادمة من تركيا: “أطفالي الخمسة موزعون بين ألمانيا ولبنان والسويد، نجتمع يومياً عبر مكالمة فيديو للإفطار، في كثير من الأحيان لا نكمل المكالمة، إذ ينقطع الانترنت فنعيد المحاولة”.
    كما أن كثيراً من الأسر السورية عملت “كعب داير” داخل البلاد، من دير الزور إلى الحسكة إلى الرقة إلى حلب إلى اللاذقية إلى دمشق، كل رمضان في محافظة، والأسر الأخرى مشتتة، من النادر أن ترى أسرة كاملة مجتمعة، كما كانت من قبل على مائدة رمضانية.
    في الحسكة، حيث الظلام يلف الشوارع ١٥ ساعة يومياً، يصنع شباب مثل محمد (19 عاماً) فوانيس من علب المشروبات الفارغة: “وصلتها ببطارية شمسية صغيرة أضيئها وقت السحور كي أتذكر أننا نعيش الشهر الفضيل”.
    النخبة في “كافيهات” ليست للنخبة
    وسط الأزمات، تظهر فجوات طبقية صارخة، ففي حين تعلن بعض مقاهي دمشق “الفاخرة” عن موائد إفطار بـ50 دولاراً للشخص، تعتمد عائلات في ريف دمشق على “خبز الذرة” لسد الجوع، وعلى توالف الخضار الموضوعة على جنب في المحال، يعلق نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي: “كيف تنفق أسرة ما يعادل دخل عائلات في وجبة واحدة؟، بينما تعج المقاهي بعد الإفطار بطبقة منفصلة تماماً عن الواقع الحالي، وكأننا نعيش في عالمين مختلفين وفي نفس المكان.
  2. “كافيهات” النخبة هذه رغم ادعاء مرتاديها أنها للنخبة، فهي ليست كذلك ولا تعادل حتى المقاهي العادية في الخليج مثلاً بمستواها، لكن الطبقة المنفصلة عن الواقع لا بد أن تشعر بتميزها حتى ولو كان مزيفاً”يعلق أحد الكتاب”.
    ختاماً
    سوريا تدخل رمضانها الجديد بوجوه متعبة تخفي خلفها إصراراً على الحياة، الفوانيس التي تضاء، وهمسات الأهالي في أسواق دمشق التي تقول “لن نعود للوراء”، ربما تكون بداية إجابة على سؤال محوري: هل يستطيع السوريون تحويل “انتصارهم” إلى حياة تستحق العيش؟ الوقت هو ما يحتاجونه لهذا الهدف، وقد أثبت السوريون دائماً أنهم ينالون أهدافهم ولو طالت.
  3. #صحيفة_الثورة
آخر الأخبار
انطلاق سوق "رمضان الخير" في دمشق لتوفير المنتجات بأسعار مخفضة المعتقل صفراوي عالج جراح رفاقه في سجن صيدنايا وأنقذ الكثيرين "حركة بلا بركة" تفقد واقع عمل مديريات "التجارة الداخلية" في اللاذقية خسارة ثالثة على التوالي لميلان تكثيف الرقابة التموينية بطرطوس.. ومعارض بأسعار مخفضة برشلونة يستعيد صدارة الليغا باحث اقتصادي لـ"الثورة": لا نملك صناعة حقيقية وأولوية النهوض للتكنولوجيا شغل (الحرامات).. مبادرة لمجموعة (سما) تحويل المخلفات إلى ذهب زراعي.. الزراعة العضوية مبادرة فردية ناجحة دين ودنيا.. الشيخ العباس لـ"الثورة": الكفالة حسب حاجة المكفول الخصخصة إلى أين؟ محلل اقتصادي لـ"الثورة": مرتبطة بشكل الاقتصاد القادم المخرج نبيل المالح يُخربش بأعماله على جدران الحياة "الابن السيئ" فيلم وثائقي جسّد حكاية وطن استبيح لعقود دورة النصر السلوية.. ناشئو الأهلي أولاً والناشئات للنهائي كرة اليد بين أخطاء الماضي والانطلاقة المستقبلية سلتنا تحافظ على تصنيفها دولياً الأخضر السعودي يخسر كأس آسيا للشباب دوبلانتيس يُحطّم رقمه القياس رعاية طبية وعمليات جراحية مجاناً.. "الصحة" تطلق حملة "أم الشهيد"