الثورة – جاك وهبه:
في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه قطاع الصناعة في سوريا، تواصل الحكومة جهودها لدعم الإنتاج المحلي وتعزيز قدرته على المنافسة في الأسواق الداخلية، ولاسيما في القطاعات الحيوية مثل صناعة الإسمنت، التي تشكل ركيزة أساسية في عملية إعادة الإعمار والتنمية العمرانية.
تصاعد الطلب
ومع تصاعد الطلب على مواد البناء، أصبح توفير الإسمنت المحلي بجودة عالية وأسعار تنافسية ضرورة ملحة لمواكبة الاحتياجات المتزايدة، ودعم المشاريع السكنية والبنى التحتية.
وفي هذا الإطار، تم إعادة تشغيل خط “إسمنت حماة 3” بطاقة إنتاجية تصل إلى 3200 طن يومياً، بعد فترة طويلة من التوقف بسبب العقوبات والصعوبات الفنية، وتأتي هذه الخطوة في سياق الجهود المبذولة لتوفير الإسمنت بأسعار مناسبة، وتقليل الاعتماد على المستورد، وتحفيز القطاع الإنشائي في البلاد.
إجراءات جريئة
ورغم التحديات الكبيرة، سواء من حيث الإمكانيات الذاتية المحدودة أم المنافسة القوية من الإسمنت المستورد، قررت الشركة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت ومواد البناء “عمران” بدمشق اتخاذ إجراءات جريئة لدعم المنتج المحلي، من خلال تحديد أسعار تنافسية للإسمنت السوري، وضمان جودته وفق المعايير القياسية الوطنية.
تطوير الإنتاج
وقد جاء قرار إعادة تشغيل الخط بتوجيهات من وزير الصناعة باسل عبد العزيز الحنان، ومدير شركة عمران المهندس محمود فضيلة، خلال اجتماع رسمي عقد في معمل إسمنت حماة بتاريخ 16/2/2025، بهدف دراسة آليات تطوير الإنتاج ومواجهة تحديات السوق.
أسعار تنافسية لمواجهة المستورد
بناء عليه، حددت الشركة سعر الطن الواحد من الإسمنت السوري بـ 100 دولار للإسمنت غير المعبأ، و105 دولارات للإسمنت المعبأ في أكياس بأرض المعمل، وذلك ضمن استراتيجية تهدف إلى تعزيز قدرة المنتج المحلي على المنافسة في الأسواق السورية.
إعادة التشغيل رغم التحديات
ممثل وزارة الصناعة والمكلف بتسيير العمل في الشركة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت ومواد البناء “عمران” المهندس محمود فضيلة، أكد أن إعادة تشغيل الخط جاءت رغم التحديات الكبيرة التي تواجه السوق المحلي، مشيرا إلى أنه تم تنفيذ أعمال صيانة شاملة لكافة مراحل الإنتاج، من المقلع إلى التعبئة، بجهود المهندسين والعمال في المعمل.
وأوضح فضيلة أن تشغيل الفرن بدأ في 23 شباط 2024، ومن المتوقع أن يصل الخط إلى طاقته الإنتاجية الكاملة قريبا، مع ضمان أن المنتج يتمتع بمواصفات عالية تتطابق مع المعايير القياسية السورية، مما يعزز فرصه في التوسع في السوق المحلي.
طلب مرتفع وخطط تطويرية
وأشار إلى أنه مع ارتفاع الطلب، تم بيع كامل الإنتاج، وبدأت عمليات التعاقد مع مندوبين في المحافظات اعتباراً من 9 آذار الحالي لتوزيع المنتج على نطاق واسع.
وأوضح أن هناك خططاً تطويرية لزيادة الإنتاج، تشمل تخفيض التكاليف، تحسين كفاءة العمليات الإنتاجية، وحماية البيئة، كما أشار إلى أن الخط كان مهملاً لفترة طويلة بسبب العقوبات المفروضة، ما استدعى تأمين قطع تبديل أصلية لضمان تشغيله بكفاءة عالية.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن هذه الجهود تأتي في إطار دعم الصناعة الوطنية وتعزيز حضور الإسمنت السوري في الأسواق المحلية بأسعار منافسة، ما يسهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على المستورد.
خطوة مهمة لكن غير كافية
إعادة تشغيل خط “إسمنت حماة 3” بطاقة إنتاجية كبيرة خطوة إيجابية لدعم الصناعة الوطنية، لكنها تظل جزءا من معادلة أكثر تعقيداً، فالتحدي لا يكمن فقط في الإنتاج، بل في القدرة على المنافسة أمام الإسمنت المستورد، الذي يستفيد من مرونة التسعير وآليات الدفع الميسرة.
ولضمان نجاح هذه الخطوة، لا بد من استراتيجية متكاملة تشمل خفض تكاليف التشغيل، وتحسين التوزيع، ودعم المشاريع الإنشائية المحلية عبر سياسات تحفيزية، فالإنتاج وحده لا يكفي، إذ إن السوق بحاجة إلى إدارة ذكية تضمن استدامة هذه الصناعة الحيوية وتحقق توازنا بين العرض والطلب بعيداً عن الاحتكار والمضاربة.
#صحيفة_الثورة