تدويرها أجدى أم تصديرها؟ “الاقتصاد” تسمح بتصدير الخردة من دون إصدار قرار رسمي

الثورة – تحقيق هلال عون

 

خلَّفت الحربُ التي شنها النظام المخلوع على الشعب السوري مئات آلاف الأطنان من جميع أنواع الخردة، كالحديد والألمنيوم والنحاس والبلاستيك، بالإضافة إلى مخلفات البناء الأخرى القابلة للتدوير.

 

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: كيف يمكننا الاستفادة المثلى من هذه الجبال من الخردة، خاصة أننا على مشارف مرحلة إعادة الإعمار، وهل يمكن اعتبارها موادّ أولية للصناعات؟ البعض يقول: إنها رخيصة، ويمكن من خلالها النهوض بالصناعات الخفيفة والمتوسطة.

 

وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية سمحت، لمن يرغب، بتصدير الخردة، دون أن تُصدر قراراً رسمياً بذلك!.هل الحل الأمثل بإعادة تدويرها أم بتصديرها؟ لنتابع التفاصيل في هذا التحقيق الصحفي.

أساس الصناعات الحرفية

الصناعي محمد ركاد حميدي بين أنه تفاجأ بقرار السماح بتصدير الخردة (حديد، نحاس، ألمنيوم، بلاستيك)، لأنها جميعها لازمة، بل ضرورية لجميع تصنيفات الصناعة والحِرف، (كما في الباكستان والهند وسواهما)، ويرى أنها مواد أولية لكل الصناعات، وهي متوفّرة بكميات كبيرة نتيجة الحرب، ورخيصة، وبها يمكن النهوض بالصناعات الخفيفة والمتوسطة.. إنها أساس الصناعات الحرفية، وحاضنة تدمر شاهدة على ذلك.

 

1000 صناعة يدوية

 

وتختلف سيدة الأعمال الصناعية، الدكتورة مروة الأيتوني مع السيد حميدي، فهي لا تعتقد أن الصناعات والحرف تحتاج لمثل هذه الخردة، لكن السيد حميدي يطلب من السيدة الأيتوني الدخول إلى مواقع الصناعات الحرفية في الباكستان والهند وبنغلاديش، حيث الخردة عندهم ثروة حقيقية، ويتفق الصناعي أحمد الزيات مع حميدي بالرأي، فيقول: “إذا دخل أحدنا، من خلال غوغل، إلى موقع صناعات الباكستان سيرى 1000 صناعة يدوية، يعيش منها عدد فلكي، حتى باصات البولمان والصناعات الخشبية، وإطارات السيارات، كلها يُعاد تدويرها ويُستفاد منها، “لا يكبُّون” شيئاً.

 

لإنهاء الوصاية على الصناعي

 

وتدافع د. الأيتوني عن رأيها، فهي ترى أننا نستفيد من خردة الحديد فقط بعد صهرها لإنتاج الحديد “المبروم” للبناء، أو صفائح الحديد، لكنها مادة سيئة الصنع ورخيصة الثمن، لأننا لا نمتلك مصانع صهر ضخمة ومتطورة، لذلك فهي تشجّع على تصدير الخردة بمبالغ عالية، واستيراد مواد أكثر جودة منها، داعية إلى تنظيف بلدنا منها، فهي ملقاة في كل مكان ومؤذية للنظر، كالباصات والسيارات المحروقة الملقاة على جوانب الطرق العامة والفرعية، مشدّدة على الانتهاء من الوصاية على الصناعي والتاجر.

 

مقبرة الباصات 

 

الصناعي الزيات دعا إلى إصلاح باصات النقل العام، المهملة على مدى 35 سنة في مقبرة الباصات، على طريق حلب، جانب مستشفى حرستا، مبيناً أن الباصات تعيش 100 سنة في بعض البلدان، بينما تعيش عندنا 5 سنوات وتبدأ بالترهل.

 

الكهرباء من النفايات

 

أما الباحث الاقتصادي، المستشار، الدكتور فادي عياش فيرى أنه يمكن إنتاج الكهرباء من خلال حرق النفايات بعد فرزها، والألمان أسياد هذه التقنية، حيث تتحول النفايات (الزبالة) إلى ثروة، وينتج عنها العديد من المواد القابلة لإعادة التدوير، وبذلك نتخلص من الأثر والتكلفة البيئية، وننتج كهرباء رخيصة ونظيفة بطريقة مكانية، أي بمعامل مناسبة لمدن صغيرة، مبيناً أن هذا يقلل الفاقد في شبكات النقل والتوزيع، مبيناً أنه عمل سابقاً على مشروع من هذا القبيل، ولكن العقوبات منعت المتابعة، علماً أن لدينا وسطياً، قرابة 30 ألف طن نفايات يومياً.

 

تدويرها أفضل 

الصناعي الأستاذ فيصل العطري يعتقد أن الهدف من السماح بتصدير الخردة، هو محاولة الحصول على موارد مالية بالعملة الصعبة، ولكنه، رغم ذلك، يرى أن تدويرها أفضل بمراحل، خاصة أن عملية إعادة التدوير سهلة، فالقطاع الخاص السوري يملك أكثر من مصنع لتدوير النحاس والألمنيوم والحديد والبلاستيك، والفرق بين سعر المعادن الخردة والمعادن المعالجة أو السبائك كبير جداً، مشدداً على أنها مواد أولية، تدخل بمختلف الصناعات، وكلها صناعات موجودة في سوريا، فهناك العديد من مصانع الكابلات الكهربائية التي تحتاج النحاس والبلاستيك، ومصانع بروفيلات الألمنيوم التي تحتاج الألمنيوم.

 

مصانع متنقّلة

 

يصمت السيد العطري قليلاً، ثم يقول بحزن: الحقيقة المؤلمة هي أن هذه الخردة هي نتيجة التدمير الوحشي الذي تعرضت له المباني في سوريا، وبالتالي فكل الخردة التي نتجت عن عمليات الدمار سنحتاجها وسنحتاج أضعافها في عملية إعادة البناء، مشدداً على أن توفرها بسعر معقول سيسمح بتخفيض فاتورة إعادة البناء، ولفت العطري إلى أهمية مخلفات الأبنية المهدمة وهي الردم، الذي يمكن ببعض العلم والجهد تحويله لمواد أولية لصنع البلوك، ألواح الأبنية مسبقة الصنع ويمكن استخدام الباقي بالردم.

 

وأضاف: سبق أن تقدمت بمشروع- تم إهماله من قبل النظام البائد- لصناعة مصنع متنقل على عربات لمعالجة الردم في مواقع الدمار، بحيث يتم تكسير الردم ومعالجته، ثم قياس حالته، وإضافة المحسنات اللازمة لتحويله لمواد أولية يتم إدخالها لمصنع بلوك متنقل محمول على عربة، فيتم إنتاج البلوك أو ألواح الأبنية مسبقة الصنع بنفس الموقع مما يوفر الكثير من المال والجهد والوقت والتلوث.

أحد الخبراء (طلب عدم الكشف عن اسمه) قال: أخشى أن يكون خلف فتح باب تصدير الخردة منافع لمصدرين محدَّدين.

 

مع المسؤولين

 

سألنا مسؤولاً بوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية (طلب عدم الكشف عن اسمه) عن الأهداف الكامنة خلف السماح بتصدير الخردة، فقال: لم يصدر قرار رسمي بالسماح بتصدير الخردة، لكن تتم الموافقة لمن يتقدم بطلب تصدير، ورفض الخوض بأي تفصيل آخر، سألنا مسؤولاً آخر في الوزارة، (أيضاً طلب عدم ذكر اسمه) عن خلفيات وأهداف السماح بالتصدير، فأكد على رأي المسؤول الأول، لجهة الموافقة لمن يتقدم بطلب تصدير، ولكنه أعطانا رأيه: أرى أن قرار السماح غير مفيد.. وطلبنا منه المزيد، لكنه لم ينبس ببنت شفة.

#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
الدكتور الشرع: تفعيل اختصاصات الصحة العامة والنظم الصحية للارتقاء بالقطاع وصول الغاز الطبيعي إلى محطة دير علي.. الوزير شقروق: المبادرة القطرية ستزيد ساعات التغذية الكهربائية مرحلة جديدة تقوم على القانون والمؤسسات.. الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري ويشكل مجلساً للأمن القو... الرئيس الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري تاريخ جديد لسوريا وفاتحة خير للشعب غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا "The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية