عبد الرحمن والنسر الجريح..

قصة – هلال عون

هو شابٌ لطيفٌ، وسيمٌ، مرهفُ الإحساسِ، صادقٌ، يحبُّ الخيرَ للناس كما يحبّه لنفسه.. هذه بعض صفات الشاب عبد الرحمن، البالغ من العمر عشرين عاماً، والذي مات والداه قبل بضع سنوات، وتركاه وحيداً.

في يوم من الأيام كان عبد الرحمن يمشي قرب بستان مجاور لبيته فرأى نَسراً جريحاً قد أشرف على الهلاك، والسهم ما زال عالقاً في جناحه.. اقترب منه وحمله وعاد به إلى منزله، ثم نزع السهم من جناحه بلطف شديد، وغسل جرحَه ونظّفه من التراب العالق به ومن الدم المتجمِّد عليه، ووضع له الدواء المناسب، ثم ضمّده، وبعد ذلك أطعمه، وبقي يعتني به مدة أربعين يوماً حتى اطمأن على سلامته وقدرته على الطيران فودَّعه وطار النسر محلِّقا في السماء.

عاش عبد الرحمن حياتَه كالمعتاد، وبعد عام على الحادثة تعرّض منزله للسطو من قبل مجموعة من اللصوص الذين سرقوا كل ما كان فيه من أموال ومجوهرات ورثها عن والديه، ومرت عليه أيام عصيبةٌ من الفقر، حيث كان ينام من دون طعام. وعندما علم النسر بما حدث لصديقه عبد الرحمن حزن لأجله حزناً شديداً.. وفي أحد الأيام، وبينما كان النسر محلِّقاً فوق قصر الملك لمع بريقٌ من حديقة القصر، فاقترب، وإذ بخاتم من الألماس.. هبط النسر وحملَ الخاتم، وحلق في السماء إلى أن وصل إلى صديقه عبد الرحمن، فألقى بالخاتم بين يديه، لكنه رفضه لعدم معرفته بمصدره، وخشية أن يكون مسروقاً، فقال له النسر إنه وجده في إحدى الغابات.. فنظر عبد الرحمن إلى الخاتم وعلم أنه تحفةٌ نادرةٌ غاليةُ الثمن.

في تلك الأثناء كان قد شاع في المدينة أن لصاً سرق خاتمَ ابنةِ الملك، لكن عبد الرحمن لم يسمع بالخبر، وفي اليوم نفسه ذهب إلى أحد كبار الصاغة في المدينة وعرض عليه أن يبيعه الخاتم.عَلِمَ الصائغُ بخبرته أن هذا الخاتم النادر، هو- غالباً- لابنة الملك، فطلب من عبد الرحمن – بعد أن اتفقا على ثمنه أن- ينتظره ليأتيه بثمنه من المنزل لأنه لا يملك كامل ثمنه في محلِّه. ذهب الصائغ مباشرة إلى شرطة المدينة وأخبرهم بأنه وجد اللص الذي سرق خاتم ابنه الملك.. وما هي إلا دقائق قليلة حتى كان عبد الرحمن مكبَّلاً بالأصفاد، مُساقاً إلى السجن. سمع النسر بالمصيبة التي تسبَّب بها لصديقه، فأصابه الهمُّ والغمُّ، وصار يمضي معظم وقته مُحَلِّقاً حول قصر الملك، وهو يفكر بطريقة يتمكن فيها من إخراج صديقه من السجن.

بعد بضعة أيام رأى النسرُ ابن الملك الصغير، يبلغ عمره أربع سنوات، يلهو ويمرح في حديقة القصر، فحطَّ أمامه ولعب معه لدقائق ثم عرض عليه أن يطير به في الجو، فرح الطفل كثيراً، ثم ركب على ظهر النسر فطار به، والطفل لا يصدق نفسه من شدة الفرح إلى أن وصلا إلى الجبل الذي يسكنه النسر فأنزله، ثم عرَّفه على زوجته وفراخه الصغار، ففرح الطفل بهم وفرحوا به.
كان النسر يتقصى الأخبارَ أثناء تحليقه في الجو، وكان يرى شرطة المدينة تبحث عن ابن الملك الصغير في بيوت المدينة بيتاً بيتاً، وكان يسمعهم وهم يتحدثون عن اليأس والحزن الشديدين اللذين أصابا الملك وزوجته، فاقترب النسر من الشرطة وأخبرهم بأن يخبروا الملك بأنه يريد أن ينقل إليه خبراً عن طفله الصغير، وأنه سيكون بعد ساعة محلقاً على مدخل القصر.

بعد ساعة جاء النسر، ورأى الملكَ ووزراءه وشرطته بانتظاره. ألقى النسرُ التحيةَ، ثم تمنّى على الملك أن يُرسل في طلب السجين عبد الرحمن. وافق الملك، وجاء الحراس بعبد الرحمن مكبلاً بالأصفاد، فتمنى النسر بأدب شديد فكَّ قيودِه، ففكُّوها، ثم طلب من الملك أن يسمح له بالحديث معه على انفراد، فسمح لهما، أخبر النسرُ صديقه بما حدث، فخاف عبد الرحمن خوفاً شديداً من مغامرة صديقه.. ثم أخبر النسرُ الملكَ بأنه سيأتيه بابنه الصغير بعد أقل من ساعة، وأوصاه خيراً بالسجين.

ووسط انتظارٍ وقلقٍ وترقُّب حلّق النسر بعيداً في السماء حتى غاب عن العيون، وبعد حوالى ساعة حطّ أمام الملك، وهو يحمل الطفل على ظهره..!ووسط الدهشة والسعادة.. ودموع الفرح رفض الطفل النزول عن ظهر النسر إلا إذا أطلق والده سراح السجين! نظر الملك إلى السجين، وقال: لكنه لصّ، فما كان من النسر إلا أنْ حكى له قصته، ثم غمغم النسر بكلمات غير مفهومة بسبب معانقة الطفل له وسط دهشة الملك من سرّ المحبة بين الطفل والنسر والسجين.. وتمنى أن يعيش المحبة بهذا النقاء.

آخر الأخبار
هكذا تُدار الامتحانات.. تصحيح موحّد.. وعدالة مضمونة حلاق لـ "الثورة": سلالم التصحيح ضمانة للعدالة التعليمية وجودة التقييم "أطباء بلا حدود" تبحث الواقع الصحي في درعا نهضة جديدة..إقبال على مقاسم صناعية بالشيخ نجار وزير الخارجية اللبناني: رفع العقوبات عن سوريا يساعدها بتسريع الإعمار ترميم قلعة حلب وحفظ تاريخها العريق محافظ درعا يتفقد امتحانات المعهد الفندقي "الطوارئ والكوارث": أكثر من 1500 حريق و50 فريق إطفاء على خطوط المواجهة دول الخليج تتوحد في تقديم المساعدة والاستثمار في سوريا واشنطن تتحدث عن السلام.. هل يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بوقف اعتداءاته؟ سوريا تطلق إصلاحات السوق لجذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز إعادة الإعمار نقابة المهندسين الأردنيين: إعمار سوريا استحقاق يتطلب تضافر الجهود عربياً ودولياً بين الحصار والانفراج.. هل تفتح المصارف السورية أبواب العالم؟ ترامب يفكك برنامج العقوبات من أجل سوريا مستقرة قرار رفع العقوبات.. خبراء لـ"الثورة": يعيد تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي في المنطقة وزير المالية: رفع العقوبات انطلاقة اقتصادية واستثمارية جديدة سوريا تصنع المستقبل.. نظام استثماري جديد يعيد رسم خريطة الصناعة ويطلق العنان لرؤوس الأموال روبيو: واشنطن تتخذ خطوات إضافية لدعم سوريا موحدة خربوطلي لـ"الثورة": مع انفتاح الأسواق.. سوريا بحاجة للانضمام لـ"التجارة العالمية" قلق الامتحانات يؤرق الطالب والأهل.. د. السلامة: تحويل الانتكاسات لنقاط قوة