الثورة:
حدّثني أحد المعلمين، قائلاً: تمّ تعييني في إحدى المدارس الريفية، وعندما بدأتُ بإعطاء مادّة اللغة العربية للمرحلة الإعدادية، تبيّن لي أن حوالي عشرين طالباً من أصل خمسين في الصف التاسع لا يجيدون القراءة والكتابة، فعندما يكتب أحدهم سطراً تجده قد أخطأ إملائياً بنصف الكلمات على الأقل، فهم- على سبيل المثال- يكتبون (له، فيه، منه) كما يلي: (لهو، فيهي، منهو).. ويكتبون التنوين نوناً (عَلَمٌ – هندٌ) تصبح (علمن – هندن).
يتابع المعلّم: لاحظت الانكسار والخجل والتردد في عيونهم، فقلت في نفسي: هذا من شدة الزجر والتوبيخ، هؤلاء منذ الصف الأول يسمعون كلمات التأنيب والتجريح والتقريع من معلميهم ومن أهاليهم، لذلك قررت دعمهم نفسياً، وتشجيعهم، ومخاطبتهم بأجمل الكلمات. فمن كان منهم يخطئ بكتابة خمس كلمات من أصل عشر، كنت أقول له: أحسنتَ، لقد كتبتَ خمس كلمات صحيحة، أنا أثق بك، وأعلم أن الكلمات الصحيحة ستزداد عندك يوماً بعد الآخر.وعندما أصبحتْ أخطاؤه أربعة من أصل عشرة كنت أصفق له وأطلب من الطلاب التصفيق أيضاً. ولم ينتهِ الفصل الأول حتى تلاشت الأخطاء.. وكانت المفاجأة في نهاية العام أن نسبة النجاح بمادة اللغة العربية كانت 96% في الصف التاسع، حيث نجح بها 48 طالباً من أصل 50 طالباً.