الثورة- منهل إبراهيم
صعدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من إجراءاتها غير المسبوقة ضد جامعة كولومبيا، التي كانت معقلاً للحراك الطلابي ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، وألغت منحاً تقدر بمئات الملايين من الدولارات الأمريكية كانت مخصصة للجامعة.
وقالت صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير لها: إن إدارة ترامب ألغت في شهر آذار/ مارس الجاري منحا بقيمة 400 مليون دولار مخصصة لجامعة كولومبيا، وشككت في نزاهتها الأكاديمية، واعتقلت الطلاب المشاركين في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين”.
وفي رسالة مؤرخة يوم الخميس 13 آذار/ مارس، طالبت إدارة ترامب بفرض الوصاية الأكاديمية على قسم الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا بجامعة كولومبيا لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وفي اليوم التالي، تم اعتقال الطالب الفلسطيني محمود خليل، أحد قادة الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في الحرم الجامعي، وقد ألغى وزير الخارجية ماركو روبيو بنفسه بطاقته الخضراء.
ويوم الجمعة الماضي أعلنت السلطات الفيدرالية عن اعتقال طالب فلسطيني مشارك في تنظيم مظاهرات مؤيدة لغزة في جامعة كولومبيا.
لوموند اعتبرت أن استهداف جامعة كولومبيا يعود لعدة أسباب، حيث تحمل طابعاً تقدمياً وضعه المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد، الذي ولد في القدس في ظل الانتداب البريطاني، وأحد مؤسسي دراسات ما بعد الاستعمار، التيار الذي ألهم حركة الاحتجاجات الحالية ضد الممارسات الإسرائيلية، وفقاً للصحيفة.
وأضافت لوموند أن العدوان على غزة أحدث انقساما عميقا داخل هيئة التدريس بجامعة كولومبيا، وخاصة بين الأساتذة اليهود الذين انقسموا بين مؤيد لنتنياهو ومدافع عن الفلسطينيين، العامل الذي استغله الجمهوريون، حيث اتهموا الجامعة بعدم مكافحة معاداة السامية وعدم حماية الطلاب اليهود بشكل كاف.
وحسب الصحيفة، فقد طالت الإجراءات القمعية المستشفى الجامعي وكلية الطب، حيث تلقى أستاذ الهندسة الطبية الحيوية إدوارد غو رسالة عبر البريد الالكتروني من إدارة الجامعة تُعلمه بإلغاء المنحة التي كانت تقدمها له المعاهد الوطنية للصحة، وتطالبه بخفض النفقات بشكل فوري إلى الحد الأدنى الضروري لاستمرار البحث.
وفي تغريدة له على منصة “إكس”، كتب إدوارد غو، وهو واحد من مئات الباحثين الذين توقفت بحوثهم بشكل مفاجئ: “أنا عاجز عن الكلام”.
وقالت إيمانويل سعادة، رئيسة قسم اللغة الفرنسية بالجامعة: “الأمر يؤثر بشكل أساسي على الطب، لكنه يطال أيضًا كلية الفنون والعلوم، الأمر طال جميع الاختصاصات”.
وتبرر إدارة ترامب قراراتها بمكافحة “معاداة السامية” ومنع إهدار أموال دافعي الضرائب، بيد أنها تستهدف الجامعة من خلال هذه الإجراءات، وفقاً للصحيفة.
وتعليقا على الوضع الحالي، تقول إيمانويل سعادة: إن الارتفاع الهائل في رسوم التسجيل يضطر الطلاب إلى التوجه نحو تخصصات توفر فرصًا وظيفية ذات عائد مالي أكبر، وتضيف: “هجمات ترامب تجد أرضية خصبة في هذا السياق”.
واعتبرت لوموند أن الإجراءات التي اتخذتها إدارة دونالد ترامب قد تؤدي إلى إثارة الانقسامات داخل الجامعة، حيث إن قسم الطب الذي كان نشطاً في مكافحة معاداة السامية، تحملت العبء الأكبر من تخفيض المساعدات الفيدرالية، بينما تأثرت أقسام العلوم الإنسانية بشكل أقل، رغم أنها الأكثر تنظيما للاحتجاجات.
وقد نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا في 11 آذار/ مارس بعنوان: “حرب بين الكليات تندلع في كولومبيا”.
وذكرت الصحيفة أن إدارة الجامعة تعمل في الوقت الراهن على تشديد قبضتها من خلال تجميد الرواتب وإيقاف الانتدابات، مطالبة جميع الأقسام بتقديم ميزانيات منخفضة بنسبة 6 بالمئة.
ولا يبدو أن الإجراءات العقابية ستتوقف عند هذا الحد، حيث عبرت إيمانويل سعادة عن قلقها من إمكانية حرمان بعض البرامج من الاعتماد الفيدرالي، وتفكير إدارة ترامب في فرض ضرائب على عائدات الصناديق الجامعية التي كانت معفاة من الضرائب، بالإضافة إلى الحد من قيمة القروض، التي يمكن للطلاب الحصول عليها.
#صحيفة_الثورة