الثورة – تحقيق عبد الحميد غانم ونور جوخدار:
بين السعي لخدمة تامة، وبين واقع الخدمة وفق الإمكانات المتاحة، تصاعد الجدل بين مرضى التلاسيميا وأهالي المرضى من جهة، وبين إدارة المركز ومديرية صحة دمشق من جهة أخرى.. كانت هناك شكاوى، فضلت مديرية الصحة بأن تطلق عليها “ملاحظات”، كونها غير دقيقة وصدرت من أشخاص عاديين غير اختصاصيين.
شكاوى المرضى
صحيفة الثورة زارت مركز التلاسيميا بمركز العيادات الشاملة في منطقة الزاهرة الجديدة في دمشق، واطلعت على شكاوى المرضى ومرافقيهم، ووقفت عند حال المركز، ومن مجمل ما ذكره المرضى والمرافقون، وجود حالات استهتار في عملية نقل الدم، وعدم وجود طبيب دم، والطلب من المرضى شراء سيرنكات وقثاطر وريدية ومستلزمات طبية، وتأخر في تقديم الدم، إضافة لعدم وجود توعية وتدقيق لشهادة الخاطب والمخطوب عند وجود مشكلة، وعدم وجود تدفئة، وغياب المتابعة، كما أن رئيس المركز طبيب أسنان.
1233 مريض تلاسيميا
رئيس مركز التلاسيميا الدكتور رامي نصر الله، أكد أنه بلغ عدد المستفيدين من المركز 1233 مريضاً، يتم إعطاؤهم الدواء والعلاج من المركز، وطالب بضرورة استرجاع التبرع بالدم الإلزامي لشهادات السياقة وطلاب الجامعات مما يساهم في توفير الدم المقطوف وتخفيف العبء الشديد على المرضى بتأمين متبرعين، كما طالب بتأمين كمية كبيرة من حاجة الدواء وزيادة 20% منه بسبب استقبال مرضى جدد دائماً في المركز.
ولفت الدكتور نصر الله إلى وجود نقص في أطباء الأشعة، حيث يوجد في المركز جهاز تصوير الإيكو، ولكنه غير مفعل لعدم وجود اختصاصي، مما يضطر المركز إلى تحويل المرضى إلى مستشفى المجتهد، كما طالب بوجود طبيب اختصاصي في نقل الدم لأنه لا يوجد في المركز سوا مقيمان دم.
مشادات كلامية
وحول هذا الحديث حصلت مشادات كلامية بين الدكتور نصر الله وإحدى المريضات الموجودة في المركز (مرح دويجي) وهي مريضة تلاسيميا وخريجة مخبرية، وقالت: إن الطبيب المقيم دوره غير فعال لأنه عندما يؤخذ من المريض الدم ربما يتحسس المريض، ولا يوجد أي طبيب لمتابعة حالته أو إعطائه دواء تحسس، وهذا الإهمال أدى، بحسب قولها، لوفاة مريض!
وقد نفى رئيس المركز هذا الأمر نفياً قاطعاً، وقال: كلامها غير دقيق وغير علمي وأنه يوجد في المركز دواء التحسس، وقالت دويجي: توجد مشكلة أخرى وهي تسريع الدم وأنه لا يوجد أي توعية للمريض وأهله من هذا القبيل، ولا توجد أي متابعة طبية، ويتم نقل كيس الدم خلال نصف ساعة، وأن أي حالة نقل دم طبي تستغرق بين الساعة لأربع ساعات، كما لا يوجد أي مقياس حرارة ولا حتى جهاز قياس الأكسجة ولا يوجد جهاز قياس للضغط في المركز.في مديرية الصحةأمام هذا الجدل بين المرضى والمرافقين والمركز، توجهنا إلى مديرية صحة دمشق، حيث نوّه مدير صحة دمشق الدكتور محمد أكرم معتوق بالدور المهم لمثل هذه المراكز، وما تقدمه من خدمات، وقال: نقوم بتقديم الخدمات الصحية ضمن الإمكانات المتاحة.لجنة وزيارة للتدقيقورداً على الشكاوى على المركز، قال الدكتور معتوق: إنه شكل لجنة من خمسة أطباء من ضمنهم رئيس المركز للاطلاع على واقع عمل المركز، وقدمت اللجنة تقريرها حول الخدمات المقدمة، وأنه قام بجولة في المركز، ولاحظ بنفسه الخدمات المقدمة، ورأى أن الملاحظات التي أشار إليها المرضى والمرافقين، غير دقيقة، وهم غير قادرين على تقييم الخدمات كونهم غير مختصين، منوهاً بأن كلام البعض عن خطأ في عمل الأطباء عار عن الصحة. الاختصاص الثانيوما ذكر حول اختصاص رئيس للمركز، أشار الدكتور معتوق إلى أن طبيب الأسنان، يشتغل باختصاصه الثاني، فكل طبيب في أي اختصاص كان يدرس دبلوم صحة عامة، ومن خلال ذلك يمكنه العمل في هذا المجال، فليس غريباً أن يعمل أي طبيب من أي اختصاص كان رئيساً لمركز التلاسيما أو في مجال نقل الدم.جهل المعلومةوقال الدكتور معتوق: هناك جهل في إعطاء المعلومة، ليس أي شخص غير مختص قادر على تقييم الشهادات العلمية أو العمل، من يستطيع أن يقيم يكون صاحب اختصاص.العمل ضمن المتاح وأقر مدير الصحة بوجود نواقص في الخدمات التي تقدمها مراكز الصحة لأنها تقدم ضمن الإمكانات المتاحة، وضمن الحالة المزرية لقطاع الصحة نتيجة فساد النظام البائد، مبيناً أن هناك خدمات استثنائية موجودة في مركز التلاسيما، مثل خدمة الكهرباء بشكل يومي ما بين10 – 12 ظهراً يومياً، غير موجودة في المستشفيات خاصة، ولا حتى في المستشفيات عامة، ونسعى إلى الأفضل والأكمل.ورثنا مؤسسات منهكةوأشار الدكتور معتوق إلى أن قطاع الصحة حاله حال القطاعات الأخرى، ورث مؤسسات صحية منهكة بسبب ممارسات النظام البائد، معرباً عن سعيه إلى أن تكون الخدمة بالمستوى الأفضل.
العدالة في التوزيع
وبيّن الدكتور معتوق أن كماليات الخدمة مطلوبة، لكن ما يقدم هو حالة إنقاذ، ونسعى لتقديم الخدمات وفق الأولويات وبما يحقق العدالة في توزيع هذه الخدمات بين المراكز الصحية، ولفت إلى أن السياسة المتبعة اليوم هي العدالة في توزيع الخدمات، وتقديم الأولويات الملحة.
وأشار إلى أن مركز التلاسيميا مركز عام وليس لعرض فعاليات خاصة، کما کان يقام أثناء عهد النظام الساقط، حيث كانت زوجة الرئيس المخلوع تستغل المقرات الحكومية لإقامة فعالیات تسوق لها ولشخصيتها من دون النظر لمصلحة المرضى والناس والبلد.
وأشار إلى أنه توجد في المركز طبيبة أطفال، كما أننا في طور التعاقد مع طبيب أطفال، لتحسين واقع عمل المركز يحقق معايير الخدمات الطبية على أحسن وجه، مع وجود أطباء أطفال وأطباء التشخيص المخبري والنظم الصحية والصحة العامة.
وأوضح أنه تجري حملات طوعية للتبرع بالدم تغطي الاحتياج المطلوب، لكن التخوف من النقص.
ونوه الدكتور معتوق بأنه في يوم الجمعة الماضي، كانت هناك حملة تبرع بالدم في مركز الأشمر بحي الميدان، شارك فيها 300 متبرع خلال الفترة من بعد الإفطار وحتى الساعة 12 ليلاً، مبيناً أن المتطلبات كثيرة، هناك مستشفيات بحاجة للدم، وكذلك مراكز الصحة وغيرها، ويجري التوزيع بشكل عادل، لا يمكن تأمین مركز ونسيان الباقي.
وقال: طلبنا من الهلال الأحمر تزويدنا بـ 100 حرام لزوم التدفئة في الشتاء، وقد منحنا هذا العدد وسلمت للمركز كعامل إضافي للتدفئة مع المازوت، أما عن بعض الشكاوى على وجود تحسس من نقل الدم، فكلها- بحسب مدير الصحة- ليس لها قيمة طبية، وقال: إن وجود حالات تحسس غير صحيح والرجفة تنتج عن نقل الدم وتسبب بعض القشعريرة.
حملات توعية
وأكد على ضرورة وجود حملات توعية من أخطار حالات الزواج، فالتقرير المقدم أو الشهادة التي تعطى للخاطب تتم حسب القانون، ولكنها غير ملزمة، والقانون لم يلزم الخطيب والخطيبة ألا يتزوجا إذا جاءت النتيجة سلبية، والقانون لا يسمح للصحة أن تمنع هذا الزواج.
إرث ثقيل
ولفت الدكتور معتوق إلى أنه بعد التحرير، يشهد القطاع الصحي تحسناً يوماً بعد يوم، ولا نملك عصاً سحرية لحل مشكلات قاسية وكثيرة خلفها النظام البائد، وقال: نحن نسعى إلى الكمال في خدماتنا الطبية والصحية، ولكن لا ننسى التركة الثقيلة التي ورثناها من النظام البائد في القطاع الصحي الذي تعرض للتخريب والفساد.