سجل حافل بالجرائم والانتهاكات.. نائب قائد ميليشيا “لواء القدس” في قبضة الأمن العام بحلب

الثورة – جهاد اصطيف وحسن العجيلي:
زجّ النظام البائد منذ بدء الثورة السورية بتشكيلات مختلفة، منها ما هو طائفي، ومنها ما حمل مسميات قومية أو وطنية كـ”لواء القدس” الذي كان يعدّ من أكبر المجموعات العسكرية في سوريا عدداً وعدة وتنظيماً، من دون أن يحمل أيديولوجيا واضحة، أو تياراً أو فصيلاً يعمل وفق أجندات فلسطينية.

وفي إطار إلقاء الأمن العام في حلب يوم أمس القبض على المجرم عدنان محمد السيد، نائب قائد لواء القدس.. “صحيفة الثورة” تلقي الضوء على السجل الإجرامي للواء طوال سنوات الثورة وما رافقها من تجاوزات بحق الشعبين السوري والفلسطيني في آن واحد، بالتعاون والتنسيق بين الداعمين الأساسيين إيران وروسيا، فضلاً عن الدعم اللا محدود الذي كان يوفره النظام المخلوع لهذا التشكيل، من خلال المعلومات التي استطعنا أن نجمعها من مصادر ووسائل إعلامية عدة.

التّأسيس والبداية

تأسس “لواء القدس” يوم ٦ تشرين الأول من العام ٣٠١٣، ولكن لم يعلن عنه في حينه، وتم تشكيله من قبل مهندس فلسطيني يدعى محمد أحمد السعيد، وهو من سكان محافظة حلب، وكان معروفاً بارتباطه مع مخابرات النظام المخلوع لتسهيل عمله في بناء العقارات مع السماسرة، وتقاسم الأرباح في المباني العشوائية “غير النظامية” مع كبار عناصر الأمن.

ومع بدء أحداث الثورة في سوريا استقطب محمد أحمد السعيد بعض الشباب من ذوي السمعة السيئة من أبناء مخيمي النيرب وحندرات، الذين عملوا على قمع المظاهرات الطلابية التي كانت تنظم في جامعة حلب، مستغلاً الظروف المعيشية الصعبة لبعض العائلات الفلسطينية في حلب.

وفي أواخر نيسان من العام ٢٠١٣، وجد النظام المخلوع بدخول الثوار مخيم حندرات ونزوح الأهالي عنه، إضافة إلى اتهام النظام المخلوع للثوار بقتل عدد من عناصر جيش التحرير الفلسطيني في الشهر السابع من العام ٢٠١٢ غالبيتهم من مخيم النيرب، وجد من خلالهما فرصته، ليبدأ بالضخ الإعلامي وتحريض الشعب الفلسطيني ضد الثوار، ورفع شعارات تستهدف القضية الفلسطينية، وغيرها من الشعارات التي لعب على وترها النظام البائد لعقود، ليستطيع بعدها ومن قبل موالين فلسطينيين له في حلب من تأليب أبناء مخيمي النيرب وحندرات وتشكيل مجموعة عسكرية مسلحة قوامها فلسطيني، ليستغل النظام الهارب واللواء الفقراء في مخيم النيرب ويغريهم برواتب شهرية للقتال إلى جانبه.

وبتسهيل وتنسيق مع المخابرات الجوية التابعة للنظام البائد وقتها في حلب، بدأ اللواء بضم شباب فلسطينيين وسوريين في صفوفه، ودعمه مالياً وعسكرياً، خاصة من قبل النظام البائد والنظام الإيراني عبر “فيلق القدس”، وتم منح قادته وعناصره صلاحيات القمع داخل حلب وخارجها، وجعل مخيم النيرب منطلقه ومركزاً لعمله.

تشكيلاته وعتاده

تكوّن اللواء من ثلاثة كتائب مسلحة بجميع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، “كتيبة أسود القدس” و”كتيبة الردع”، وكتيبة “أسود الشهباء”، وقدّر عدده وقتها، بحسب تقارير غير رسمية، بأكثر من سبعة آلاف عنصر، بينهم عدد من اللاجئين من المخيمات قدر عددهم بنحو ٥٠٠ مقاتل، إضافة إلى مقاتلين من مدينة حلب وريفها الغربي والشمالي وكتيبتي “الشبح الأسود والقمصان السود”، وشبان من عشائر قرى النيرب وتل شغيب المجاورة لمخيم النيرب ومن مناطق نبل والزهراء، عدا عن الفرع الذي افتتحه قائد اللواء بحي الرمل في اللاذقية.

مشاركاته وأعمالهشارك “لواء القدس” بنشاط كبير في حفر خندق في محيط مطار النيرب لتأمين حماية “الحرس الثوري الإيراني” داخل المطار خشية اقتحامه من قبل الثوار، واستطاع بمساندة النظام الهارب الوصول إلى السجن المركزي، وفك الحصار عنه، وشارك اللواء أيضاً في معارك الليرمون، والشيخ نجار، ومحيط مطار النيرب العسكري، والراموسة، ومعارك مخيم حندرات.ووجهت اتهامات للواء القدس بانتهاكات قام بها بحق المدنيين ومن بينها اختطاف الشباب وطلب فدية مادية من ذويهم مقابل إطلاق سراحهم، وسرقة أثاث منازل المدنيين في أحياء حلب غير المحررة التي هجرها سكانها بعدما تحولت إلى خط جبهة مثل حيي “جمعية الزهراء” و”الراشيدين الشمالي”.وفي مخيم النيرب قام عناصر هذا اللواء بنصب الحواجز، وتم اعتقال بعض الشباب الفلسطينيين بحجة تأييدهم للثوار في سوريا ومساعدتهم، إضافة إلى افتتاحهم للسجون في المخيم لذلك الأمر.

وفي العام ٢٠١٥، أقام اللواء دورات تدريبية عسكرية في مخيم النيرب لمدة ٣٠ يوماً لأعمار ١٥ سنة وما فوق، ليتجاوز بعدها اللواء عمله العسكري إلى استقطاب بعض الشبان الفلسطينيين في أوروبا، حيث نشرت تقارير إعلامية محسوبة على الثوار، صوراً قالت إنها تعود لمجموعة من الشباب الفلسطيني من ألمانيا عادت إلى “حضن النظام المخلوع”، بمبادرة وتنسيق من قائد مليشيا “لواء القدس” محمد أحمد السعيد، وعدد من قيادات اللواء، وفي مقدمتهم نائب زعيم اللواء عدنان محمد السيد، الذي تم إلقاء القبض عليه بالأمس من قبل الأمن العام بحلب.

انتهاكات اللواء وتورطه

اشتد ساعد اللواء خلال معارك الميادين والبوكمال ودير الزور، وشارك أيضاً في معارك مع جيش النظام البائد “قوات النمر” في عدة مناطق منها الغوطة الشرقية بريف دمشق، إلى أن تورط “لواء القدس” في انتهاكات عديدة، وبحسب المعلومات، فإن عناصر اللواء مارسوا أعمالاً تجاوزت حدود القتال إلى جانب النظام البائد وغيرها، تراوحت بين الاعتقال إلى النهب والسرقة و”تعفيش” المناطق التي كان يدخلها جيش النظام الهارب، فضلاً عن عمليات الاستيلاء على ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، وتجارة المخدرات وإنشاء شبكات لتهريبها وترويجها وتعاطيها، إضافة إلى شبكات الدعارة وتهريب البشر.

وحسب دراسة صدرت عن المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية في العام ٢٠١٩، فإن بنية “لواء القدس”، تحديداً قيادته، مشكلة من البلطجية وتجار ومروجي المخدرات، فكان من السهل عليه تنظيم نهبه، وارتكاب انتهاكات كثيرة بحق المدنيين، حيث قدرت الدراسة عدد الفلسطينيين من مقاتلين وكوادر وغيرهم في “لواء القدس” في العام ٢٠١٩ بنحو ٥٠٠ شخص، متراجعاً عن تعداد نحو ٧٥٠٠ عنصر كان يضمهم بين عامي ٢٠١٦ و ٢٠١٧، ومع تناقص قوام اللواء بسبب انخفاض العمليات العسكرية في سوريا، واختصار عملياته بتوجيه ودعم روسي في البادية السورية بمواجهة ما يعرف بتنظيم “داعش”، قدر عدد عناصره بنحو ٣٥٠٠ من مقاتلين وإداريين وغيرهم.

إنهاء تكليف القيادي وفصله

وبتاريخ ١١ نيسان عام ٢٠٢٣، أعلنت مصادر مقربة من لواء القدس عن صدور قرار إداري من قبل قائد لواء القدس “محمد أحمد السعيد” يقضي بإنهاء تكليف “عدنان محمد السيد” من منصب نائب قائد لواء القدس وفصله نهائياً من اللواء، من دون توضيح الأسباب.

فيما قالت مصادر خاصة في حينها، بحسب وسائل تواصل، إن قرار الفصل جاء على خلفية تهم فساد متعلقة بسرقة المساعدات الإنسانية والتبرعات المالية التي دخلت إلى مخيم النيرب لمساعدة متضرري الزلزال، واتهامه بالتعامل مع جهات “مشبوهة”، على حد قولها، مقابل مبالغ مالية، واتهم السيد باعتقال لاجئين فلسطينيين ومواطنين سوريين وتسليمهم للأجهزة الأمنية التابعة للنظام البائد، كذلك إشرافه على عمليات تهريب البشر نحو تركيا وجني مئات الآلاف من الدولارات بإشراف قائد اللواء بالتعاون مع ضباط وأمن وحواجز النظام المخلوع.

وفي تشرين الثاني من العام ٢٠١٨ تعرض القيادي نفسه للاعتقال من قبل أمن النظام المخلوع بتهم بيع السلاح والفساد المالي وبيع المخدرات، وبعد قرابة الشهر أطلق سراحه بوساطة قائد اللواء، ليأتي اليوم الذي يلقى فيه جهاز الأمن العام القبض على نائب قائد لواء القدس عدنان محمد السيد في حي الشهباء بحلب يوم الأربعاء بتاريخ ١٩/٣/٢٠٢٥، لتطوى صفحة أحد المجرمين الذين أوغلوا في إيذاء الشعبين السوري والفلسطيني لسنوات.

من هو عدنان محمد السيد المجرم؟

يعد نائب قائد لواء القدس عدنان محمد السيد أيام النظام البائد، أحد الوجوه البارزة المرتبطة بإيران وحزب الله في المنطقة، والمتهم بالتورط في إدارة شبكة لتجارة وتهريب الكبتاغون، ووصفته بعض التقارير غير الرسمية بأنه أحد أذرع إيران الميدانية في شمال سوريا، ولعب دوراً لوجستياً مهماً في تمرير الدعم الميداني ونقل الإمدادات بين الحدود السورية واللبنانية.

وفي السنوات الأخيرة، ورد اسم “لواء القدس” في تقارير محلية ودولية تتحدث عن تورط فصائل موالية لإيران في تجارة المخدرات، خصوصاً الكبتاغون، ويعتقد أن اللواء شارك في شبكات تهريب عبر الحدود ما جعله لاعباً أساسياً في هذه التجارة غير الشرعية.

آخر الأخبار
غياب المحاسبة الدولية يشجع الاحتلال على مواصلة اعتداءاته عدوان إسرائيلي يستهدف اللاذقية ومحيط مينائ... وسط تصعيد الاحتلال عدوانه على غزة  الأونروا: أكثر من 180 طفلاً استشهدوا في يوم واحد Center For International Policy: سوريا قلب الشرق الأوسط وينبغي دعم الانتقال السياسي فيها بيدرسون: على مجلس الأمن الضغط على إسرائيل للانسحاب من سوريا Middle East Eye: احتلال إسرائيل لأراض سورية جديدة يعكس عقلية استعمارية توسعية The Conversation لماذا لا يعود العديد من اللاجئين السوريين إلى ديارهم؟ "التحالف الدولي" يعلن القضاء على أحد قياديي "داعش" في سوريا "لمسة وردية".. تقدير للأمهات في عيدهن مناقشة خطة تدريب سياسة صون الطفل مع منظمة "كيمونكس" إلى جانب العلاقات الثنائية.. فيدان يبحث في واشنطن غداً التطورات في سوريا ورفع العقوبات حرب التصريحات تتصاعد.. العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى أين؟ نقص السيولة وتعطّل الصرافات.. شكاوى على مكتب المصرف العقاري بالقنيطرة The New Arab: قيود عراقية تمنع ضباطاً سوريين سابقين من مغادرة معسكر التاجي "الأوروبي" ومصر: سندعم سوريا خلال المرحلة الراهنة الصفدي: على المجتمع الدولي اتخاذ موقف فاعل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا من نتائجه نشوء اقتصاد احتكار القلّة.. أسباب فشل التحوُّل إلى اقتصاد السّوق الاجتماعي في سوريا الملك الأردني يجدد دعم بلاده لسيادة ووحدة سوريا إسرائيل تدير ظهرها للقوانين الدولية تحت الحماية الأميركية من داخل مجلس الأمن.. إدانة عربية لاعتداءا... واشنطن تحدد مطالبها من سوريا وتتوقع رفع العقوبات أردوغان: الظلم الواقع على الفلسطينيين سينتهي كما انتهى على السوريين