الثورة – جهاد اصطيف:
تتكثف وتتجمع حبيبات من السكر وهي تتراقص على قدر يغلي فوق شعلة من نار، لتكون شاهدة على ولادة عجينة حلوة المذاق ارتبط اسمها بتراث مدينة عريقة.من قلب مدينة حلب الشهيرة بمطبخها الغني، يسكب مكيال السكر في قدركبير، ويمزج بماء الورد، حتى يغلي الخليط ويتماسك، ليقوم عمال مختصون في صبه على لوح رخامي، قبل تبريده وتقليبه في الطحين المحمص، ومن ثم سحبه على شكل حلقات متساوية السماكة ليشكل عجينة سكرية ستصبح لاحقاً الأكلة الرمضانية الأشهر في حلب، ألا وهي “غزل البنات”.فمنذ عقود، ومن ضمنها أحلك الظروف، لم تنقطع الأيدي عن صنع هذه الحلوى المميزة التي لا يتم تقديمها إلا خلال شهر رمضان المبارك، وهي الموروثة أباً عن جد، لها أنواع أغلاها المحشية بالفستق الحلبي وأرخصها تسمى بالمغشوشة، وتشترك جميعها بالطريقة نفسها لتحضير خيوط الغزل الناعمة التي تذوب في الفم، وتختلف فقط من حيث الحشو والزينة.قبيل فترة الإفطار، ترتصف قطع غزل البنات بصوانيها العتيقة، بعد أن تعاونت أيدي كثيرة لصنعها لتظهر في أبهى حلة، مشكلة لوحة مبهرة تضاف لرصيد تراث مدينة حلب العريق، في تعبير عن مدى ارتباطها بروح المدينة ولاسيما خلال الشهرالفضيل.
