بين ضعف التنظيم ونقص الخدمات.. زوار معرض دمشق الدولي يفترشون الأرض

الثورة – ثورة زينية:

رغم الأهمية الوطنية والتاريخية لمعرض دمشق الدولي، والمشاركة الواسعة محلياً ودولياً في دورته الحالية، إلا أن ضعف التنظيم ونقص الخدمات الأساسية طغى في بعض أجزائه على المشهد العام، ليترك انطباعاً غير مرض لدى العديد من الزوار، الذين وجدوا أنفسهم يفترشون الأرض تحت أشعة الشمس أو على الأرصفة، بسبب غياب المقاعد وأماكن الاستراحة.

المشهد، الذي تكرر على مدار أيام المعرض، أثار تساؤلات حول جاهزية البنية التنظيمية لمواكبة هذا الحدث الضخم، وقدرة الجهات المعنية على تقديم تجربة متكاملة تليق باسم معرض دمشق الدولي.

زرنا المعرض.. ولم نجد كرسياً!

في ظل تدفق آلاف الزوار يومياً تكررت الشكاوى حول عدم وجود عدد كاف من المقاعد للجلوس أو الاستراحة، خصوصاً لكبار السن والعائلات وبعض الزوار لم يجدوا مكاناً حتى لتناول وجبة خفيفة أو الجلوس مع أطفالهم ما اضطرهم إلى افتراش الأرض أو الجلوس على الأرصفة داخل المعرض.

سمر كجيج، زائرة من محافظة إدلب، قالت لـ”الثورة”: سافرنا من أرمناز إلى دمشق لنعيش تجربة المعرض لأول مرة، لكننا أمضينا وقتنا في البحث عن مقعد للجلوس وجلسنا على الرصيف، ولا توجد حتى استراحة منظمة لزوار المعرض، مضيفة: المعرض جميل لكن لا يوجد أي احترام لراحة الزوار.

أبو نادر متقاعد جاء من جبعدين في ريف دمشق قال: أنا أزور المعرض كل سنة والمعرض هذه السنة مليء بالمشاركات لكن لا يوجد مظلات ولا كراسٍ والمحال موزعة بلا خطة واضحة والبعض يبيع على الأرض.. أين التنظيم؟.

ورصدت الثورة خلال جولتها في أروقة وساحات المعرض أيضاً حالات عشوائية لبائعين جلسوا على الأرض لعرض منتجاتهم من دون أي تنظيم بصري أو وظيفي كما أن بعض الباعة لم يحصلوا على مساحات رسمية، ولجؤوا لعرض منتجاتهم كيفما اتفق بسبب عدم توفر محال مخصصة أو أكشاك منظمة، ما خلق مشهداً غير منظم ويخالف هوية المعرض كمؤسسة اقتصادية وثقافية رسمية، ما أعطى انطباعاً بالفوضى التنظيمية وطرح تساؤلات حول آلية توزيع المحال ومنح التراخيص المؤقتة خلال المعرض. المشهد بدا عشوائياً ومربكاً، ما يثير التساؤل حول آلية توزيع المساحات والتراخيص المؤقتة، ويفتح الباب أمام نقد مشروع حول غياب معايير العرض اللائقة داخل المعرض.

الزائر شريك… لا متفرج

زيارة المعرض ليست مجرد جولة استهلاكية، بل هي تجربة ثقافية واقتصادية واجتماعية وعلى هذا الأساس فإن احترام حاجات الزوار يجب أن يدرج ضمن أولويات التنظيم. ففي بلد يعيش ظروفاً اقتصادية صعبة، تأتي زيارة المعرض كمتنفس للناس وفرصة للترفيه والاطلاع على ما يعرض من منتجات وخدمات، لكن من غير المنطقي أن يضطر الزائر إلى قضاء ساعات وهو يبحث عن مكان للجلوس أو أن يلجأ لفرش غطاء على الأرض وسط الزحام، فالزائر ليس مجرد متفرج فحسب بل هو شريك في إنجاح المعرض ولعل احترام حاجاته جزء من احترام قيمة الحدث، فالمعرض ليس فقط صفقات وعروض بل هو صورة عن البلد أمام زواره وشركائه.

المقاعد والاستراحات وأماكن الظل، المياه ليست كماليات بل أساسيات لحدث بهذه الضخامة، خاصة في بلد يعاني من تحديات اقتصادية ويبحث المواطن فيه عن فسحة كرامة لا تقل عن فسحة ترفيه.

المطلوب.. خطة عمل لا تجميل إعلامي

وفي اتصال لصحيفة الثورة مع الخبير في إدارة الفعاليات والمعارض الدكتور سامر الحصري أوضح أن نجاح أي معرض لا يقاس فقط بحجم المشاركين أو عدد الزوار بل بـتجربة الزائر، مضيفاً: عندما يفتقد المعرض إلى التنظيم والراحة، فإن الرسالة التي تصل للعالم تكون مشوشة ولا يكفي أن نقول إن عدد الزوار بلغ كذا بل المهم: كيف كانت تجربتهم وهل غادروا بانطباع إيجابي أم بإرهاق وانزعاج؟ كما لا يمكن تحسين صورة المعرض عبر التصريحات والإنجازات، بل بجودة التنظيم وتوفير الحد الأدنى من الخدمات اللوجستية بمعنى أن هذا الحدث الكبير يحتاج إلى خطة عمل منظمة لا تجميل إعلامي فتنظيم المعارض الدولية يتطلب تخطيطاً متقناً من لحظة دخول الزائر حتى خروجه، وليس فقط تعبئة المساحات بالأجنحة، منوهاً بأنه عندما يهمل المنظم التفاصيل التي تمس الزائر بشكل مباشر مثل الجلوس والراحة والإرشاد، فإن الانطباع العام يتضرر حتى لو كانت الفعاليات مبهرة فالمعرض واجهة وطنية وتنظيمه يجب أن يدار بعقلية شاملة، تشمل كل ما له علاقة بتجربة الزائر.

وأضاف: إن غياب أماكن الاستراحة والتنظيم العشوائي لبعض الباعة وقلة المرافق الخدمية كدورات المياه ولوحات الإرشاد جميعها مشكلات يمكن معالجتها بسهولة في الدورات القادمة، إذا تم الاستماع إلى ملاحظات الجمهور والعارضين بجدية.

وأكد الدكتور الحصري أن المعرض ليس فقط ساحة لعرض المنتجات بل هو تجربة مجتمعية وثقافية تتطلب عناية دقيقة بكل تفصيل من الكلمة الافتتاحية وحتى المقعد الذي يجلس عليه الزائر، لافتاً إلى أن المطلوب هو إجراءات لا وعود بحيث يتم العمل منذ الآن على وضع خطة تنظيمية محكمة للدورات المقبلة، تراعي توزيعاً عادلاً للمحال وتوفير مقاعد واستراحات كافية ومناطق ظل ومياه شرب وتنظيم مرور الزوار داخل الأجنحة وتحسين الخدمات الأساسية وتدريب الفرق التنظيمية ميدانياً والاستماع لآراء الزوار كأداة تقييم.

بين السمعة والتحديات

يبقى معرض دمشق الدولي حدثاً وطنياً بامتياز، وجزءاً من صورة سوريا أمام الداخل والخارج ولأن الصورة لا تكتمل من دون التفاصيل، فإن النواقص في التنظيم قد تضعف الرسالة الكبرى للمعرض حتى لو كانت المشاركات ضخمة والفعاليات متنوعة.

ما نحتاجه هو نقلة تنظيمية تراعي التوسع في حجم الزوار والمشاركين وتعيد النظر في البنية الخدمية والمعايير اللوجستية لتكون بمستوى الطموح وبما يليق باسم معرض دمشق الدولي فهو يعد من أبرز الفعاليات التي تمثل صورة سوريا أمام الداخل والخارج، وهو أكثر من مناسبة اقتصادية إنه منصة دبلوماسية ورسالة وطنية وتجربة مجتمعية متكاملة.

فمشهد الزوار يفترشون الأرض وبضائع معروضة بطريقة غير لائقة، لا يعكس فقط خللاً في التنظيم بل يعبر عن فرص مهدورة وسوء إدارة لمساحة كان يمكن أن تعكس صورة أكثر إشراقاً.

قد تكون الكلمات الافتتاحية براقة والمشاركات ضخمة، لكن لا شيء يعكس قيمة المعرض أكثر من تجربة الزائر البسيطة: هل وجد مقعداً؟ هل شعر بالاحترام؟ هل فكر بالعودة مرة أخرى؟ ذلك هو التحدي الحقيقي.. وتلك هي الصورة التي ستبقى.

آخر الأخبار
الاحتلال يتمادى بعدوانه.. توغل واعتقال 7 أشخاص في جباتا الخشب بريف القنيطرة  تحضيرات في درعا لمشاريع تأهيل مرافق مياه الشرب والصحة والمدارس  حريق كبير يلتهم معملاً للكرتون في ريف حلب الغربي  حضور لمنتجات المرأة الريفية بالقنيطرة في "دمشق الدولي" واشنطن وبكين.. هل تتحول المنافسة الاقتصادية إلى حرب عسكرية المجاعة في غزة قنبلة موقوتة تهدد الأمن العربي "إسرائيل" تخسر معركة العلاقات الدولية وتفقد قوة لوبيها بالكونغرس ماكرون: ممارسات "إسرائيل" في غزة لن توقف الاعتراف بدولة فلسطين الذكاء الاصطناعي شريك المستقبل في تطويرالمناهج التعليمية إطلاق مشروع إعادة تأهيل محطة مياه "بسيدا" في معرة النعمان الانتخابات التشريعية.. محطة مهمة في بناء مؤسسات الدولة وتوسيع المشاركة الوطنية  أيقونة الصناعات الدوائية.. "تاميكو" تبرز في معرض "دمشق الدولي" محافظ إدلب يناقش مع جمعية عطاء مشاريع التنمية وترميم المدارس عروض مغرية لا تجد من يشتريها.. "شعبي أو خمس نجوم": أسعار الخضار والفواكه تحلق السويعية تنهض من جديد.."حملة العزاوي للعطاء" ترسم ملامح الأمل والبناء استراتيجيات لمواجهة الجفاف وحماية الإنتاج الزراعي والحيواني في طرطوس صيانة مستمرة لواقع الشبكات وآبار المياه في القنيطرة مرسوم ترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة خطوة نوعية لتعزيز جودة التعليم المدينة الصناعية في الباب.. معجزة صناعية تنهض من تحت الركام ملفات التعثّر من عبء اقتصادي إلى فرصة لاستدامة النمو المالي