علي البردقاني.. صوت الغوطة المنكوبة وابن الحريّة الثائرة

الثورة – ميساء العجي:

في أحد أحياء معضمية الشام بالغوطة الغربية، حيث تعيش المناطق الفقيرة والمنكوبة صراعها اليومي بين الألم والأمل، ظهر صوت شعري استطاع أن يحوّل المعاناة إلى إبداع وحرية.

هذا الصوت هو علي البردقاني، المحامي والشاعر الذي وُلدت موهبته الشعرية في ظروف صعبة، وتحولت حياته إلى شهادة حيّة على قدرة الإنسان على تحويل الحزن إلى إلهام وجمال.

من رحم الحزن

في لقائه مع صحيفة الثورة، يحكي البردقاني عن تجربته: “ظهرت موهبتي الشعريّة من رحم المعاناة، من القهر، من أحزاني ووجعي.”بدأ كتابة الشعر والنثر في سن الخامسة عشرة، متأثراً بمشاهد الألم التي أحاطت به.

لم تكن الكتابة لديه وسيلة للتعبير عن الذات فحسب، بل كانت شكلاً من أشكال المقاومة الناعمة، ورسالة لنقل معاناة الناس والمدينة التي نشأ فيها.

ممنوع ومرغوب

كانت معظم قصائد البردقاني ممنوعة من النشر، وكل إصدار يتطلب موافقة أمنية. وبالإضافة إلى ذلك، كان مطلوباً للخدمة العسكرية، وقضى ست سنوات هارباً بين المحافظات السورية، متنقلاً من مدينة إلى أخرى، دون أن يتوقف عن الكتابة.

ويقول: “كنتُ مطلوباً، وكان عليّ مراجعة فروع أمنية بسبب قصائدي، لكن ذلك لم يمنعني من الكتابة. فالشعر بالنسبة لي كان دائماً ثورة حقيقية ضد هذا النظام البائد.

أكثر من مجرد قصائد

رغم القيود، كتب البردقاني أكثر من 200 قصيدة و50 نصاً نثرياً، تناولت قضايا المرأة والحب، الوطن والسياسة.

من أبرز أعماله قصيدة “المنفى”، التي تتناول التهجير، والقهر، والحياة في الغوطة. وتقول بعض أبياتها:

“ليس بعد الموت إلا صوتُ حقٍّ لا يُمَلّ

بينما التاريخُ يبكي قد نجد للحزنِ حَلّ”

كما ألّف سيناريو لفيلم قصير، وكتب رواية ونصوصاً نثرية، كلها تعكس الواقع الاجتماعي الصعب الذي عايشه، وتوثّق تجربته الشخصية القاسية.

فلسفة شعر وثورة كلمات

يؤمن البردقاني بأن الشعر الحقيقي لا يولد إلا في فضاء حر، وأن القيود تقتل الإبداع، ويقول:”الشعر الذي لا يتطاير منه الشرر، يفتقد إلى المعنى.

والشعر الذي لا يستطيع حمل المتلقي إلى عوالم أخرى، لا يُسمى شعراً.”

ويعتبر أن الشعر في ذاته شكل من أشكال الثورة، ويضيف: “فما بالك إذا كان الشعر وليد الثورة وأباً لها؟”

شهادات وانتصارات رغم المصاعب، نال البردقاني عدة شهادات تكريم وتقدير من جمعيات أدبية وفكرية، كما نُشرت أعماله في وكالات إعلامية عربية، ما أتاح له إيصال صوته إلى جمهور واسع رغم القيود.

ويقول: “الحزن كان مصنع الإبداع بالنسبة لي، وكل تجربة صعبة حولتها إلى نص أو قصيدة، لأثبت أن الحياة قادرة على ولادة الفن حتى في أحلك الظروف.”

الولادة من رحم الألم

يرى البردقاني أن معضمية الشام وغيرها من المناطق المنكوبة كانت دائماً حاضنة للمبدعين والمفكرين، رغم قسوة الواقع اليومي. ويؤكد: “نحن أبناء الحزن والتعب، لكننا قادرون على الإبداع، على مقاومة النسيان، وعلى قول الحقيقة بحرية.

قصة البردقاني تختصر حكايات آلاف الشباب السوريين الذين نشؤوا في مناطق الحرب والفقر، وتحمل رسالة أمل وإصرار على الحياة والإبداع.

طقوس الإبداع

يكشف البردقاني عن طقوسه الخاصة في الكتابة: “أستيقظ في منتصف الليل، أمسك ورقة وقلماً، وأكتب. هذا هو وقتي الأمثل للإبداع، بعيداً عن الضوضاء والخوف.

“ليست هذه الطقوس مجرّد عادة، بل أسلوب حياة، يعكس مدى ارتباطه العميق بالشعر كوسيلة للبقاء، والتعبير، والتأمل.

صوت الحرية والإبداع من قلب الغوطة

علي البردقاني ليس مجرد شاعر أو محامٍ، بل هو رمز للحرية، والتعبير، والمقاومة الفكرية. قصته، من عمق معاناة الغوطة الشرقية إلى إنتاج أدبي غني، تُثبت أن الفن يمكن أن يكون وسيلة للبقاء، للتحدي، وللتغيير.

ويختم حديثه قائلاً: “الشعر بالنسبة لي هو الثورة، الحياة، وللحرية أنا ابنها البار، وكل كلمة أكتبها، وكل بيت أنسجه، هو نداء لكل من يظن أن الإبداع لا يمكن أن يولد من رحم الألم.”

آخر الأخبار
أوضاع المعتقلين وذوي الضحايا .. محور جولة هيئة العدالة الانتقالية بحلب بعد تحقيق لصحيفة الثورة.. محافظ حلب يحظر المفرقعات تخفيض الأرغفة في الربطة إلى 10 مع بقائها على وزنها وسعرها محافظة حلب تبحث تسهيل إجراءات مجموعات الحج والعمرة  جلسةٌ موسّعةٌ بين الرئيسين الشرع وبوتين لبحث تعزيز التعاون سوريا وروسيا.. شراكةٌ استراتيجيةٌ على أسس السيادة بتقنيات حديثة.. مستشفى الجامعة بحلب يطلق عمليات كيّ القلب الكهربائي بحضور وفد تركي.. جولة على واقع الاستثمار في "الشيخ نجار" بحلب أطباء الطوارئ والعناية المشددة في قلب المأزق الطارئ الصناعات البلاستيكية في حلب تحت ضغط منافسة المستوردة التجربة التركية تبتسم في "دمشق" 110.. رقم الأمل الجديد في منظومة الطوارئ الباحث مضر الأسعد:  نهج الدبلوماسية السورية التوازن في العلاقات 44.2 مليون متابع على مواقع التواصل .. حملة " السويداء منا وفينا" بين الإيجابي والسلبي ملامح العلاقة الجديدة بين سوريا وروسيا لقاء نوعي يجمع وزير الطوارئ وعدد من ذوي الإعاقة لتعزيز التواصل عنف المعلمين.. أثره النفسي على الطلاب وتجارب الأمهات عزيز موسى: زيارة الشرع لروسيا إعادة ضبط للعلاقات المعتصم كيلاني: زيارة الشرع إلى موسكو محطة مفصلية لإعادة تعريف العلاقة السورية- الروسية أيمن عبد العزيز: العلاقات مع روسيا لا تقل أهمية عن العلاقات مع أميركا وأوروبا