الثورة – لميس علي:
في الحلقات الأولى لعمل “نسمات أيلول” نص علي معين صالح، تولّى الإخراج رشا شربتجي ويزن شربتجي، ظهرت لمسات كوميديه لطيفة.. تحافظ على مستوى مقبول من هذا النمط الدرامي، لكن مع متابعة حلقاته التالية، وصولاً إلى ما يزيد عن النصف، بدأت تتكشف حالة من الضياع في فهم معنى الكوميديا لدى كاتب العمل أولاً، وبعض مؤدّي الشخصيات ثانياً.
وعلى ما يبدو، جاء العنوان متأملاً صيد حالة “التّورية”.. فالنّسمات التي تأتي في شهر أيلول تكون ملاذاً للناس وحدّاً للقيظ وقسوته، هل كانت الحالة الكوميدية ضمن العمل مؤديةً لهذه الوظيفة؟.
بمعنى.. هل حققت متنفساً خفيف الظلّ لمتابعيه.. أو تمكّنت من انتشالهم، ولو لمجرد ساعة زمنية، من هموم الواقع وضغوطه؟، تأرجحت مواضيع حلقات “نسمات أيلول” ما بين الفكرة الأساسية التي قادت موضوع الحلقة وبين معالجتها التي جاءت بمعظمها “كيفما اتفق”.. أي انتهت (قطش)، وفي جميعها استند النص وحتى الإخراج وأداء بعض الممثلين، على توهمهم أن ما يقدمونه هو كوميديا متقنة وخفيفة الظل، جاعلين من ضحكات كل من شخصيتي (نورس، ملهم بشر) و(شاهين، درويش عبد الهادي) وضحكات (رولا، نادين تحسين بيك) وألفاظ (أيهم، محمد حداقي) ركيزة الفعل الكوميدي وأساسه.. من دون أن يدركوا أنها كلها مجتمعة كانت كمن يستجدي تحصيل ردود أفعال تتفاعل ضحكاً من قبل المتفرجين.. فهل حقّقوا غايتهم؟.
الشيء اللافت في العمل محاولته تقديم ثنائية (نورس، شاهين) كحالة كوميدية مهضومة لدرجة أن بعض المتفاعلين على “السوشال ميديا” بدؤوا بمقارنتها بثنائية (جودي وأسعد) في عمل “ضيعة ضايعة”.. لكنها مقارنة غير عادلة.. فثنائية “نسمات أيلول” يتوه قطباها ما بين الكوميديا والتهريج.. وغالباً يكمن السبب بأن النص لم يكن متقناً، من حيث عدم اعتماده كوميديا (الموقف)، إلا قليلاً.. مكتفياً بنوعية تتأتّى من (حوار) غالباً يرتكز على مجرد (شتائم وسخرية) تصل حدّ التهريج غير المبرر، وحتى جهد المتألق “محمد حداقي” بتقديم “كاركتر” فارق، كما عادته بمعظم أعماله، لم يعتمد على نص مقنع ليبقى حضوره أسير اجتهاده مع الإخراج الذي حاول إضافة رؤية إخراجية تتوازي مع المحتوى الكوميدي.. كما في حالة تقريب الكاميرا بطريقة مبالغ بها من وجه (فهد، مصطفى المصطفى) ومن جسده عموماً لإضفاء بعد كوميديا للمشهد.
لكنّ الإخراج بمعظم أركانه لم يستطع إنقاذ النص من هشاشته، وحتى محاولته تعديل ضعف المعالجة، بصرياً، لم تغطِّ ركاكة الأداء الذي وصل درجة الانفلاش من الثنائي (نورس- شاهين).. فالإفراط باستعراض الضحكات لا يصنع كوميديا، مع ملاحظة أن محاولة شربتجي باستغلال الحضور العفوي والتلقائي للممثلة نادين تحسين بك لما تنجح بتوظيف الضحك لديها بأسلوب مقنع.. وبقي ضحكاتها بمعظمها فارغة الصدى.