الثورة – لميس علي:
“للخوف قدرة عجيبة على تقصير المسافات.. للخوف قدرة سحرية على تحريرنا من الخوف ذاته، وقدرة على تغييرنا أيضاً”..
العبارات التي ترد على لسان (يوسف، بسام كوسا) في الحلقة الثالثة عشرة من عمل (البطل) حين تصل أحداثه إلى نقطة مفصلية في ظروف القرية.. المكان المفترض للحكاية المأخوذة عن فكرة مسرحية للكاتب ممدوح عدوان، طوّرها كل من مخرج العمل الليث حجو والكاتبين رامي كوسا ولواء يازجي.. تبقى عبارات تختزل مقاصد وإيماءات عديدة.
فعتبة الخوف متغيرة ومتبدّلة.. لكنها تبقى دافعاً ومحرّضاً لكثير من أفعالنا.
(الخوف) الكلمة التي تقف قبالة معاني (البطولة) والتي هي الكلمة المفتاحية في العمل.. الذي يأتي عنوانه مستمداً منها..
فمن هو البطل..؟
وما هي صفاته..؟
ولماذا كانت فكرة (البطولة/البطل) القاعدة الأساسية التي دارت حولها مختلف المعاني التي أراد العمل الإيحاء بها..؟
يأتي (البوستر) بصورة تجمع ما بين بطلي العمل الرئيسيين (بسام كوسا ومحمود نصر).. كلّ منهما يبدو بطلاً بمقاييسه ووفقاً لفهمه.
بطولة يوسف تتمثل بقدرته على التمسك بقيمه ومعاييره الإنسانية في ظل ظروف تُجبر المرء، أحياناً كثيرة، على إظهار أنانيته.. لكن يوسف على الرغم من قسوة الحياة بقي هو ذاته، وفياً لقناعاتهم، متمسكاً بإنسانيته، كما عبّر بوضوح في الحلقة (13): “لن تستوي الحياة إذا لم نشعر أننا معنيون بآلام الآخرين… لن أتغير سأمد يدي على الدوام كي أعين غيري”..
“يوسف” يعيد إلينا قدرتنا على طرح أسئلة مصيرية نحاول الاختباء أو الهروب منها حين تأكلنا الأزمات والحروب.. يدفعنا لمواجهتها ولمواجهة أنفسنا واختبار إنسانيتنا..
وهنا بالضبط قمة (البطولة).. من زاوية الرؤية الخاصة بشخصية “يوسف”..
وعلى التوازي منها تسير بطولة أخرى خاصة بشخصية (فرج، محمود نصر) الذي لا يمتلك برأي (المحيط) أي قيمة أو أي مؤهل يجعله بطلاً وفق معايير سكان (الضيعة).
لكنه يمتلك القدرة على الحبّ واللهفة ومد يد العون والمساعدة.. حتى وإن بقيت أفعاله/حسناته غير ملحوظة..
بطولته تتمثل بحفاظه عليها واحتفاظه بها على الرغم من قسوتهم..
فالقدرة على الحبّ في “محيط” ظالم وقاسٍ هو نوع من بطولة لكل ما فيها من معاني مواجهة الخوف ومحاولة قهره.
وسيعتدل ميزان البطولة حين يراه أهل القرية بطلاً لدى دفاعه عنهم.. لكنه يلفظ بطولة يصبح فيها قاتلاً.
يمكن أن تشتمل البطولة التي ركّز على تكريسها ذوو العمل، شخصيات أخرى في فلك كل من (يوسف وفرج)..
فكلّ بطلٌ بما يستطيع.. وبمقدار شجاعته على مواجهة الظرف الذي يحيا ضمنه.
من الجماليات غير المعنوية التي تنحتها عين المخرج حجو، وكما عادته، تتمثل بالمشهديات البصرية.. حتى وإن كان خيار الإضاءة باهتاً، لكنها لم تخفِ إغراق عدسة حجو بصيد واقعية المكان والتقاط تفاصيله.
باختصار.. (البطل) يستعيد إنسانيتنا ويسترجع ذاكرتنا، حتى لو كانت موجعة.