الثورة – عمار النعمة:
يوماً ما كان للنقد مكان لامثيل له في عالم الإبداع, فكل إنجاز سواء أدبيا أم فنيا (مسرحي أم سينمائي أم درامي) له أقلام تكتب عنه تشرّحه وتفصّله وتعطيه حقه سواء أكان سلباً أم إيجاباً، والهدف من ذلك تطويره وتحسينه كي يحظى بصفة القبول والرضا من قبل القراء أو المشاهدين.
إذاً فكرة النقد ضرورة قصوى في حياتنا, وليست هامشية كما يتعامل معها البعض, وإذا كنّا نؤكد على ضرورة وجود النقد، فلا بد لنا أن نبحث عن الناقد، ونحدد من هو الناقد، وهل لديه القدرة على إعطاء الانطباع المطلوب والشفافية المفترضة من مسألة النقد؟
لاشك أن الساحة الأدبية والفنية تفتقر إلى الكثير من الأقلام الناقدة, وما يُكتب اليوم سواء لأي عمل أدبي أو درامي هو سرد للوقائع والأحداث، يتخلله مديح كاف لذاك الكاتب أو الممثل .
ليست الصورة المقدّمة صحيحة، فمن اختار الكتابة النقدية عليه التقييم والتقويم ووضع الملاحظات المقنعة والموجهة لمصلحة العمل والمضمون، لا أن يمدح ويصفق لفلان وفلان أو يجرح ويقلل من شأن العمل على حساب المضمون والدراسة الأكاديمية كما يفترض.
على سبيل المثال لو تابعنا ما ينشر خلال شهر رمضان الكريم حول بعض الأعمال الدرامية سنجد ما نتحدث عنه أمام أعيننا، فثمة من يكتب بصيغة مكررة تخضع في كثير من الأحيان إلى الرغبة في الترويج على حساب الجدارة، أو تواصل تكرار الحديث عن نجوم لم يحققوا جديداً, متناسين مواهب شابة ربما تستحق من يدعمها ويقوّيها.
نخلص إلى أننا، وبالشكل العام، بأمس الحاجة إلى النقد، وإلى نقّاد على مستوى مقبول, فثمة قطيعة حقيقية مع النقد في كل الحالات، وأن الأدوات لم تتجدد، ولم تعد قادرة على مجاراة الإبداع ، إلا لعدد قليل من النقاد الحقيقيين الذين يجدون إعادة بلورته، لكننا نقول: لولا النقد لبقي الإبداع يراوح مكانه،
ومَن يطلق على نفسه تلك التسمية يجب أن يحمل مقوماتها بحيث يسير في المسار النقدي المحايد والشفاف والموضوعي والمخلص للإبداع.