الثورة – رولا عيسى
فرضت الحالة المعيشية المتردية على مدار السنوات الماضية تغييراً حتمياً في عادات ومشتريات الأعياد، فاضطرت غالبية الأسر السورية إلى استبعاد الكثير من الحاجيات الخاصة بقضاء أيام العيد.
تآكل الميزانية
ميزانية الأسرة تآكلت والخيارات غير متاحة، إذاً كيف للأسرة أن تدير المناسبة بأقل التكاليف حتى يترك العيد فرحة وأملاً جديداً لأفرادها في ظل غياب دور المجتمع والمؤسسات المعنية عن إيجاد حل يسهم في رفع القدرة الشرائية للمواطنين.
نظرة مختلفة
تقول الخبيرة التنموية ميرنا السفكون: إن النظرة الاجتماعية والاقتصادية اختلفت تجاه استعدادات العيد الروتينية بسبب ظروف صعبة وقاسية مرت على السوريين في مختلف المناطق، وإن اختلفت درجة المعاناة بين من كانوا تحت الحرب والحصار واللجوء في الشمال السوري، ومن كانوا يعانون أيضاً من الحرب والحصار وتردي الوضع المعيشي واحتكار المال في يد قلة قليلة من المجتمع السوري في بقية المناطق، ما انعكس على مجريات أيام العيد وجعل منه هماً جديداً يكبل الأسرة السورية في إيجاد أمل ما هنا أوهناك.
ظروف الحرب القاسية
أما السيدة ريحاب مصطفى فتقول: عانينا ظروف الحرب القاسية بكل أشكالها، وخرجنا من بيوتنا قبل 14 عاماً في داريا، واجتمع أكثر من 20 فرداً بين أسرتي وأسرة زوجي في مكان صغير، وكنا في ذلك الوقت وبعد خروج معمل العائلة عن العمل نتدبر أمورنا من المساعدات واضطر زوجي أن يعمل في مهنة أخرى، ولم نكن خلال ذلك الوقت قادرين على مجرد التفكير في شراء الحلوى، لنعكف فيما بعد على صناعة حلوى العيد منزلياً، وغالباً أبحث عن وصفات سهلة وبسيطة بأقل التكاليف.
عدم استقرار
ليلى إبراهيم، اضطرت لمغادرة قريتها بعد أحداث الساحل الأخيرة، وتسكن مع أختها في دمشق تقول: منذ 14 عاماً لم ننعم بالعيد أو نشعر بلذته نتيجة الحرب والحالة المعيشية وارتفاع الأسعار وأجور النقل بين المحافظات، وحالة عدم الاستقرار الأمني والمعيشي التي عاشتها سوريا على مدار السنوات السابقة، وكان ما يهمنا الوصول إلى حالة السلام، فنسينا العيد وطقوسه ومأكولاته بعد أن أصبح كل شيء في حياتنا قابلاً أن يكون على البطاقة الالكترونية. لكن العيد يعود بعد أيام ويتزامن مع منحة مالية شملت الموظفين والمتقاعدين، فهل استطاعت أن تسد جزءاً من الحاجيات؟.
استدامة الحلول
هنا تتحدث الخبيرة التنموية السفكون عن أن الحاجة ملحة لمساعدات من هنا وهناك تسهم في التخفيف عن أفراد المجتمع، نتيجة تراجع القدرة الشرائية لمرحلة لم يعد فيها أي تخفيض بالأسعار يكون قادراً على سد الفجوة الكبيرة بين الأسعار والدخل. لكن السفكون تؤكد أن المساعدات أو الحوالات المالية من الأقارب وحدها لا تكفي، ثمة حاجة كبيرة اليوم لعودة عجلة الإنتاج في الزراعة والصناعة لتكون عاملاً ثابتاً من عوامل رفد الاقتصاد الوطني، فالمساعدات تسد فراغاً آنياً، لكن الإنتاج يسد حاجة مستقبلية ومستدامة.
حافز للميزانية الهشة
أما السيدتان مصطفى وإبراهيم فتقولان: إن المساعدات والمنح والحوالات تشكل تمويلاً مهماً وحافزاً للأسرة لإحياء أيام العيد، وتدعم الميزانية الهشة، وتجدان أن المساعدة المالية تبقى الأفضل لأنها تتيح خيارات أمام المحتاجين في كيفية إدارة أولوياتهم.
أمل جديد
وتؤكدان في حديثهما أنه رغم التحديات ستجعلان من العيد القادم أملاً جديداً يطوي الجراحات المثقلة بالوجع، وسنتشارك مع الجيران ونستمتع جميعنا بصناعة الحلوى التي نفضل أن تكون منزلية.