الثورة – لينا إسماعيل:
تعتبر الزكاة ترجمة واقعية لحق الفقراء الذي أوجبه الله تعالى في أموال الأغنياء، وذلك في النص القرآني والحديث النبوي، كما أنها ركن أساسي من أركان الإسلام، وقد ذكرت في القرآن الكريم ثلاثين مرة، في سبع وعشرين منها مقرونة بالصلاة، بهدف أن لها أهمية، كأهمية الصلاة، قال تعالى: “وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلْقَيِّمَةِ”.
وفي حديث، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ النبي ﷺ بعث معاذاً رضي الله عنه، إلى اليمن.. فذكر الحديثَ، وفيه: أنَّ الله قد افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تُؤْخَذ من أغنيائهم، فتُرَدُّ في فُقرائهم. متَّفقٌ عليه، واللفظ للبخاري.
رسالة الزكاة
صحيفة الثورة، حاورت الشيخ أحمد سليم اللوجي، حول مفهوم الزكاة، باعتبارها أهم دعامة من دعائم الإسلام الاقتصادية، ومورداً من الموارد المالية التي لا تنضب، مركزة على مساراتها الأكثر نفعاً، وأهمية تطبيقها الشرعي في المجتمع، وانعكاس آثارها الإيجابية عليه، موضحاً أن الإنسان عرف الفقر منذ أزمنة عديدة، ولذلك لم تغفل الأديان كلها عن هذا الجانب الإنساني والاجتماعي، فأوجدت له علاجاً، بدأ بالدعوة للبر بالفقراء والضعفاء، ثم جاء الإسلام ليحض على الاهتمام بالفقراء والمساكين، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، بما لم يسبق له نظير في الأديان السماوية، ولا بالقوانين الوضعية، وذلك حتى لا يترك الفقير والمحتاج لأسباب الجوع تنهشه، وأوجد له حلولاً كريمة، تمثلت بزكاة المال التي يؤديها الأغنياء، فيصبح من خلالها، ومع مرور الزمن، فقير اليوم غني الغد، ويؤدي بدوره زكاة ماله، وبذلك لا يبقى فقيراً محتاجاً في الأمة.
آثار الزكاة الاجتماعية
ولأن الله جعل في أموال الأغنياء حقاً للفقراء، فلا يجوع فقير، ولا يعرى مسكين، يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) سورة المعارج.
وقد حملت هذه الآية خيراً عظيماً، وآثاراً اجتماعية بعيدة المدى، ونتائج معللة بمصالح العباد، إضافة إلى أن الزكاة حارس على الأموال، فإذا شبع الجائع، واكتسى العريان، عمّ الأمن والسلام، وعاش المُنفق والمحتاج سعداء من دون حرمان للفقير، الذي يصبح مكفولاً لا يعرف الضياع إليه سبيلاً.
وبالتالي حينما تُؤدى الزكاة بوجهها الصحيح ينتفي الفقر من المجتمع، كما حدث في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وقد فاض المال في زمن خلافته، ولم يعد هناك فقير ولا محتاج، فزوّج الشباب العزب وعالج المرضى، وأوجد لكل عاجز معيناً، ولكل أعمى قائداً، وما زاد من أموال الزكاة اعتق رقاباً في سبيل الله، فيا لها من رسالة تؤدي دورها في المجتمع.
الزكاة وسيلة شرعية للبناء
وتأكيداً على آثار الزكاة الاجتماعية في عصرنا الحديث، أضاف الشيخ اللوجي: إن أداء فريضة الزكاة وسيلة شرعية للبناء، وهي باب كفيل بسد حاجات المجتمع، وكم نرى في واقعنا ما تدمع له مقلة الصخر الجمود، فهذا فقير قد جفت أمعاؤه من المسغبة، وهذا عانٍ قد تربت يداه من المسكنة، وهذا عائل تعبت يداه من المسألة، ومن هو مثقل كاهله ويتيم لم يجد من يعوله، وأيّم عدمت البعل تريد صوناً يرحم ضعفها، وبائس يصبر على فاقته ويحتفظ بعفته، يرى أولاده يتألمون، ومن الجوع يبكون، ويرى منهم دموعاً تتساقط، وزفرات تتصاعد، وأبداناً تتلوى، وينقذ الإسلام هؤلاء مما هم فيه، وتؤدي رسالة الزكاة دورها، وتقضي على آفة الفقر والجوع، والله تعالى يقول: (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).