في بريدها الوارد، تصل رسالة من كلمتين، تسأل عن أحوالها..
يتكرر ورود هذا النوع من الرسائل بين فترةٍ وأخرى..
رسائل خجولة.. باهتة.. ومرتبكة.. وربما حائرة.. عالقة بين حضورٍ وغياب.
لعل أصحابها أرادوا منها دليلاً على الوجود.. وجودهم ولو للحظات في مساحة ماضٍ مشترك، وسحبه ليغدو حاضراً.
في التمييز ما بين (أن تحيا) وبين (أن توجد)، ترى المحلّلة النفسية “إلزاغودار”: (الحياة لا تتطلب جهداً أمّا الوجود فيستدعي كدحاً وعملاً.. الوجود مكسب يُنال.. الوجود يُفترض أن يُفكر فيه وأن يكون لصاحبه صلةٌ بالعالم وبالآخرين).. فكيف إن أردت الوجود في حياة غيرك..؟
هل يمكن لأسئلة سريعة.. حائرة أن تكون دليلاً على الوجود.. أم أنها تختصر وتختزل وجودك في حياة(الآخر)..؟
بالطبع الأسئلة التي قصدها “مارتن هايدغر”بقوله: (ادفعوا بالأسئلة إلى الأمام)، تختلف عن تلك التي يتصدّرها الاستفسار عن الأحوال الحياتية اليومية.. لكن جميعها، جميع الأسئلة دليل (وجود).. دليل تحريك فكر، وإيقاد أفكار وأحياناً مشاركتها.. مهما بدت بسيطة، عادية، وحتى خجولة.
أسئلة الاهتمام والمحبة تزيد مساحة المشترك وبالتالي ترسّخ الوجود.
في أحد مؤلّفاته عرّف “بول ريكور” البقاء قائلاً: (ما الذي يعنيه البقاء بالنسبة إلي شيءٌ يدوم)..
فهل الوجود سوى إغراق بالبقاء وتأكيد عليه..؟
الوجود.. أو البقاء، كلاهما ديمومة.. لا يجوز اختزالها ببضعة أسئلة تأتي بوتيرة متباعدة.

السابق