تأسيس الشركات … أعداد مبشرة بانتظار التعافي الكامل.. مقومات جاذبة للاستثمار واستقطاب الشركات الأجنبية
الثورة – رولا عيسى:
أعلن وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار عن ترخيص أكثر من 450 شركة محلية وأجنبية منذ بداية العام 2025، مشيراً إلى أن الرقم بازدياد، خاصة بعد قرار رفع العقوبات عن سوريا.
الوزير الشعار دعا كلّ من مرّ بتجربة تسجيل وترخيص شركة، أن يقدم ملاحظاته وانتقاداته للمساعدة في جعل الإجراء أكثر سلاسةً ويسراً.
وفي قراءة أولية لدلالات ومؤشرات هذا الرقم، تناولت”الثورة” الموضوع عبر لقاءات وآراء متعددة لجهات معنية ومختصين أكاديميين.
ناعسة: تزيد من إيرادات الخزينة
مدير الشركات في الإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك محمد ناعسة قال في حديث خاص لـ”الثورة”: إن المديرية تعمل على تسهيل وتبسيط إجراءات تسجيل الشركات وشهرها بالسجل التجاري.
وحول تسجيل 450 شركة في أربعة أشهر، أكد أنه في ظلّ العقوبات التي كانت مفروضة على سوريا، يعتبر هذا الرقم مؤشراً جيداً نسبياً، ونتوقع زيادة هذا الرقم، ولاسيما بعد رفع العقوبات سيصبح بلدنا منطقة جاذبة للاستثمارات والشركات الأجنبية.
وحول تحديات وعقبات تقف أمام تسجيل وترخيص الشركات، يوضح ناعسة أنها تتعلق بالموافقات والتراخيص المطلوبة من الجهات المعنية المتعلقة بنشاط الشركة، وببطاقة العمل لمدراء الشركات وللمستثمرين الأجانب.
وعن الفائدة من تسجيل عدد كبير من الشركات يقول: إنها تسهم في زيادة إيرادات الخزينة العامة المحصلة من تسجيل هذه الشركات، وتحقيق انتعاش الاقتصاد المحلي، ورفد السوق بالمنتجات والخدمات وتحسين جودتها.
وبحسب -مدير الشركات- عند ارتفاع عدد الشركات تزداد المنافسة والخيارات المتاحة للمستهلكين، وهذا بدوره يخفّض أسعار المنتجات، ويخلق فرص عمل جديدة، ناهيك عن أهمية تسجيل الشركات في الحدّ من التهرب الضريبي والعمل غير المرخص، إضافة لحماية المستهلكين من الغش، وتوجيه السياسات الاقتصادية بشكل أفضل، وتحليل اتجاهات السوق، لكن مع رفع العقوبات وما يرافقه من انفتاح على الاستثمار، وإقامة الأعمال بات ضرورياً أن يترافق ذلك بتطوير عمل مديرية الشركات، وتقديم التسهيلات لزيادة عدد الشركات المرخصة.
هنا يشير ناعسة إلى:
1- أهمية تقليل المدة الزمنية للحصول على التراخيص اللازمة من قبل الجهات المعنية، بهدف ممارسة الأعمال والمشاريع التجارية سواء أكان في المجال الصناعي، الطاقة، والصحة.
2- التوجه نحو تعديل القوانين والتشريعات الناظمة لعمل الشركات، وفق تطورات بيئة العمل الحالية
. 3- منح الشركاء الأجانب بطاقات عمل فورية بمجرد تقديم طلبات التأسيس، ودون شروط مسبقة من قبل الشؤون الاجتماعية والعمل.
4- السماح بتحويل الأرباح بالعملة الأجنبية، ودون وضع قيود من قبل المصارف العامة والخاصة.
وفي تفاصيل عدد الشركات المسجلة ونوعيتها ومجالها ومقارنتها مع العام الماضي لنفس الفترة، يبين ناعسة أنه منذ بداية الشهر الأول لعام 2025 حتى نهاية الشهر الرابع تمّ تأسيس 456 شركة، منها 390 شركة محدودة المسؤولية، و6 شركات مساهمة مغفلة خاصة، و5 شركات مساهمة مغفلة خاصة قابضة، و55 شركة ذات الشخص الواحد.
وينوه بأنه بالنسبة للشركات المستكملة التسجيل والشهر لدى أمانات السجل التجاري، حيث إن الشركة لا يعتد بها إلا في حال اكتسابها الشخصية الاعتبارية من خلال تسجيلها وشهرها لدى أمانة السجل التجاري المختصة.
وعليه ومن خلال مقارنة مع العام الماضي لأول أربعة أشهر من العام، نجد ارتفاع نسبة الشركات المسجلة، حيث تم تسجيل 216 شركة محدودة المسؤولية حتى نهاية الشهر الرابع من 2025 مقابل 144 في 2024، وتأسيس وتسجيل 326 شركة تضامنية في 2025 مقابل 157 في 2024، وتأسيس وتسجيل 28 شركة توصية في 2025 مقابل 53 في 2024، و3 شركات مساهمة مغفلة خاصة في 2025 مقابل 8 في العام الماضي.
تنوع في الشركات
ويقول: تنوعت الأنشطة التجارية للشركات المؤسسة تنوعاً كبيراً من حيث الاختصاصات، ولاسيما في مجال الاستيراد وخاصة السيارات، إضافة إلى تخصصات الاستشارات المالية والإدارية والنشاط الصناعي والخدمات المتعلقة بالاتصالات، وأنشطة التخليص الجمركي، والترانزيت والوكالات البحرية.
فماذا تتطلب إجراءات تسجيل الشركات؟
يشير ناعسة إلى أن تأسيس الشركة لا يتطلب سوى حضور صاحب العلاقة، أو وكيله القانوني وتقديم طلب التأسيس والنظام الأساسي، وفقاً للنموذج المعتمد من الوزارة، مع إرفاق صور البطاقات الشخصية والوكالات الخاصة بالتأسيس إن لزم الأمر، ومن ثم يتم إصدار قرار المصادقة على أنظمتها الأساسية بعد التأكد من صحة واستكمال بياناتها، ومن ثم يتم متابعة إجراءات شهر الشركة من قبل أصحاب العلاقة لدى أمانة السجل التجاري المختصة.
لكن هنالك سؤال يطرح نفسه، كيف سيسهم موضوع رفع العقوبات في زيادة عدد الشركات؟وماهي معاناة الشركات السابقة؟.
وهنا يقول: يسهم رفع العقوبات بتشجيع جميع المستثمرين السوريين والعرب والأجانب على دخول السوق السورية، والمساهمة بإعادة بناء الاقتصاد الوطني، وذلك لعدم وجود عقوبات تهدد مصالحهم واستثماراتهم وحساباتهم، كونها كانت مهددة سابقاً بتجميد الحسابات المصرفية لهذه الشركات ، وحرمانهم من القيام من أي نشاط تجاري داخل أراضي الجمهورية أو خارجها.
د. فضلية: ليس كافياً
من جانبه اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق والخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية في حديثه لـ”الثورة” أن ترخيص المئات من الشركات هو مؤشر إيجابي؛ ولكنه ليس كافياً للحكم على أثره الاقتصادي الجزئي والكلي، لأن الأهم في هذا الإطار هو فيما إذا كانت هذه الشركات ستباشر عملها وممارسة نشاطها، أم لا..
عدا عن أهمية ماهية هذا النشاط ومجاله وشموليته، مبيناً :أن ترخيص الشركات هو أمرممكن وسهل ولا توجد عوائق تذكر لذلك، ولكن الأهم هو جدية مؤسسي هذه الشركات في مباشرة العمل الاقتصادي كما ذكرنا أعلاه.
ويؤكد الدكتور فضلية أنه بكلّ الأحوال وبكافة الظروف والمتغيرات، فإن لرفع العقوبات آثاراً إيجابية على كلّ الصعد الاقتصادية، ولاسيما على صعيد التجارة الخارجية؛ إلا أن حجم وفعالية هذه الآثار ترتبط بعوامل أخرى ذات صلة بديناميكية الاقتصاد السوري، وقدرته على التفاعل داخلياً وخارجياً.
ناهيك عن العوامل الأهم في تنشيط عمل الشركات وبالتالي تأسيس المزيد منها، وهي مستوى الحراك الاقتصادي، والأخير بدوره يتعلق بعوامل القوة للاقتصاد السوري وأهمها العوامل الإنتاجية والتنافسية.
اكريم: نفتقر للخطط والإحصائيات
بدوره نائب رئيس غرفة تجارة دمشق سابقاً الدكتور ياسر اكريم يقول: لا يعني تسجيل الشركات أن الشركات قامت بالفعل، فالتسجيل شيء والتفعيل شيء آخر، والآن حتماً بعد انقضاء موضوع العقوبات، وتفعيل “سويفت”، والتواصل الخارجي من الطبيعي أن يكون هنالك إقبال على تأسيس الشركات.
لكن السوال الأهم، من هي هذه الشركات، وماذا تعمل، وماذا ستفعل؟.
من المفترض وجود وضوح في الرؤية بشكل كامل فحتى الآن لا يوجد وضوح، من المهم تحديد عدد الشركات ونوعها مثلاً (عشرة معامل معكرونة، 50 شركة سياحية، 30 مصنعاً…)، أي توفير إحصائية، بحيث تتيح معرفة الفرص والمجالات أمام المستثمرين.
ويقترح تشكيل فريق للتواصل الخارجي لتفعيل الاستثماروالترويج خارجياً للفرص الاستثمارية الموجودة في سوريا، ويجب تشجيع الشركات المحلية أو الشركات الخارجية للاستثمار في سوريا، ويكون هناك دراسات صحيحة، وخاصة موضوع الاستثمار في الشراكات مع مصانع دولية، مع عدم ترك القرار للشركات القادمة في اختيار مجال استثماري مشبع بل فيه فائض، إنما أن تحدد الحاجة للمجال الاستثماري الذي تحتاجه البلاد.
ويلفت إلى أنه المطلوب من وزارة الاقتصاد والصناعة وضع خطّة، فالتخطيط هو أساس الاقتصاد الصحيح من خلال وضع الأولويات مثلاً الصناعات الغذائية بعدها النسيجية والكيميائية ثم الهندسية، ومعرفة الشركات المستثمرة، وتحديد نوع الاستثمار
ما إذا كانت الدولة تفضل الاستثمار بالشراكة أو من دونها شراكات، وهنا نلاحظ أن الخطّة غائبة.
وينوه بأن بسط الأمن بشكل كامل يجذب الشركات، ومحاسبة من يعتدي ويسرق على الأملاك العامة والخاصة وعلى الاستثمارات الموجودة داخل سوريا وتشديد الإجراءات، فالاستثمار وفتح المجال أمام الشركات يحتاج أن يسود الأمن والأمان بشكل كامل حتى يقبل المستثمرون للعمل. ويختم: تقديم طلب تأسيس لشركة لا يعني أن الشركة قامت وبدأت العمل، قد ينتظر المستثمر عدة سنوات بعد ذلك، وهنا يكون الأمر بيد الجهات المعنية في تهيئ البينة التحتية، والأمان اللازم، والكامل، ووضوح القوانين.