ما هي الأبعاد والدلالات.. رفع العقوبات عن الشرع .. اعتراف أميركي بشرعية الحكومة

الثورة – ناصر منذر:
إعلان وزارة الخزانة الأميركية، رفع العقوبات عن السيد الرئيس أحمد الشرع و وزير الداخلية أنس الخطاب، إلى جانب العديد من المؤسسات الحكومية والاقتصادية والمصرفية، جاء ليعكس مدى التحول الجذري في السياسة الأميركية تجاه سوريا الجديدة، ويفتح الباب واسعا أمام بناء علاقات سياسية واقتصادية متوازنة، تخدم مصلحة البلدين، وتعزز الاستقرار والأمن في المنطقة ككل، لاسيما وأن أمن واستقرار سوريا يعد ركيزة أساسية لأمن واستقرار المنطقة، بشهادة العديد من مسؤولي دول الجوار الإقليمي، ومسؤولين عرب وأجانب.
في الثالث عشر من الشهر الجاري، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية، رفع العقوبات عن سوريا، وذلك عشية لقائه مع الرئيس الشرع،  على هامش القمة الخليجية الأميركية التي اختتمت أعمالها في الرياض يوم الرابع عشر من الشهر ذاته، ليكون هذا اللقاء، هو الأول بين رئيسين، سوري وأميركي، منذ حوالي ربع قرن.
وعقب اللقاء، قال ترامب خلال تصريحاته أمام قادة دول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية، إنه “يدرس تطبيع العلاقات” مع سوريا بعد اجتماع مهم عقده، مع الرئيس الشرع في الرياض. وقال حينها:” ندرس حاليًا تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة”.
ولدى مغادرته العاصمة السعودية متوجها إلى دولة قطر، صرح الرئيس ترامب للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية، أن لقاءاته مع الشرع سارت على ما يرام. وفق ما ذكرته “سي إن إن” العربية. وأضاف ، أن الشرع لديه فرصة حقيقية للحفاظ على وحدة سوريا.

سرعة لافتة

وهنا، لا بد من الإشارة إلى مسألة مهمة، وهي السرعة اللافتة في التطبيق الفعلي لإعلان ترامب على أرض الواقع، أي بعد حوالي عشرة أيام فقط من إعلان وعده التاريخي برفع العقوبات عن سوريا، علما بأن إجراءات رفع العقوبات عن أي دولة مستهدفة بها، تأخذ في العادة وقتا أطول بكثير، لما يتعلق بإجراءات عديدة تتخذها الإدارة الأميركية في هذا السياق، ولكن يبدو أن الأمر بالنسبة لسوريا هو مختلف تماما، وهذا يفسر إلى حد كبير، مدى اهتمام إدارة ترامب، بتطبيع العلاقات مع دمشق، نظرا لما يمثله موقعها السياسي والاقتصادي والجغرافي، من نقطة التقاء محورية بين الشرق والغرب، فضلا أنها تعد الموطن الأقدم للحضارات الإنسانية عبر التاريخ، وللولايات المتحدة مصلحة كبيرة، في نسج علاقات سياسية واقتصادية مع سوريا، ترى فيها امتدادا لتعزيز أمنها القومي.

إعلان صريح بشرعية الحكومة

والأهم، أن تضمين إعلان الخزانة الأميركية، رفع العقوبات عن الرئيس الشرع، هو إعلان واضح وصريح، بشرعيته، وشرعية الحكومة، وأيضا، فإن رفع اسمه عن لائحة العقوبات الأميركية، يعطي دفعا قويا نحو البدء بتأسيس علاقات سياسية واقتصادية راسخة بين سوريا وأميركا، وفق مبدأ المصلحة المشتركة، ويعطي كذلك دفعا قويا، لكل الدول المترددة بنسج علاقات مع القيادة السورية الجديدة، بأن تبادر لمد يدها نحو سوريا، وإضافة لكل ذلك، يعطي هذا الإعلان مساحة أوسع، لكل حكومات الدول الغربية، وسائر المجتمع الدولي، لتعزيز علاقاتها مع دمشق، بدون أي تخوف من أي انعكاس سلبي لأثار العقوبات التي كانت مفروضة، والتي كانت تحد، بشكل أو بآخر، من إمكانية توسيع مروحة التطبيع في مختلف المجالات مع سوريا الجديدة.

عمق سياسي واقتصادي

مما سبق، يبدو واضحا أن إدارة ترامب، حسمت خيارها لجهة نسج علاقات طبيعية مع سوريا، وإعطائها “فرصة للنمو والتطور”، حسب تأكيد الرئيس ترامب، خلال كلمته أمام منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، الذي عقد في منتصف الشهر الجاري، ونرى أن الإدارة الأميركية، تتخذ خطوات متسارعة باتجاه التقارب مع سوريا، وقرار إعلان رفع العقوبات، بالإضافة إلى عقد اللقاء التاريخي بين ترامب والشرع في الرياض مؤخرا، هو مقدمة ذات عمق سياسي واقتصادي كبير، ولا شك بأن ذلك سيتبعه خطوات أخرى باتجاه التطبيع الكامل للعلاقات، حيث أكد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، اليوم، بأن قرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا “خطوة أولى نحو علاقات جديدة بين البلدين”، وفق “رويترز”، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية تتوقع أن يتبع ذلك “إجراءات سريعة” من الحكومة السورية.
وعليه لا نستبعد دعوة أميركية رسمية للرئيس الشرع كي يزور البيت الأبيض في المدى المنظور، على غرار دعوة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون قبل أيام، والتي توجت بلقاء قمة في قصر الإليزييه، وربما يكون تعيين السفير الأمريكي لدى تركيا توم باراك بمنصب المبعوث الخاص إلى سوريا، الخطوة الأكثر أهمية على صعيد إدارة ملف العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع بمسار التطبيع نحو الأمام.

وكان السفير باراك قد أعلن يوم أمس توليه منصب المبعوث الخاص إلى سوريا، وفق ما ذكرته وكالة رويترز.

وقال باراك في منشور على منصة إكس، نقلته الوكالة، إنه سيدعم وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بعد أن أصدر الرئيس دونالد ترامب إعلانا تاريخيا هذا الشهر قال فيه إن واشنطن سترفع هذه العقوبات.
وأضاف باراك “بصفتي ممثلا للرئيس ترامب في تركيا، أشعر بالفخر لتولي دور المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا ودعم الوزير روبيو في تحقيق رؤية الرئيس”.
واليوم أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في بيان، إنه أصدر إعفاء لمدة 180 يوما من العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر لضمان عدم إعاقة العقوبات للاستثمارات وتسهيل توفير الكهرباء والطاقة والمياه والرعاية الصحية وجهود الإغاثة الإنسانية.
وأضاف روبيو، وفق وكالة رويترز، “تحركات اليوم تمثل الخطوة الأولى في تحقيق رؤية الرئيس لعلاقة جديدة بين سوريا والولايات المتحدة”، وقال إن ترامب أوضح أنه يتوقع أن يعقب تخفيف العقوبات تحرك من جانب الحكومة السورية.
وقال روبيو “يقدم الرئيس ترامب للحكومة السورية فرصة لتعزيز السلام والاستقرار سواء داخل سوريا أو في علاقات سوريا مع جيرانها”.

تعزيز الاستقرار الداخلي

الاعتراف الأميركي بشرعية القيادة السورية الجديدة، من شأنه مساعدة الحكومة في تعزيز الاستقرار الداخلي، وأيضا تحفيز المجتمع الدولي على المساهمة بشكل أكبر في مساعد الحكومة على تثبيت الاستقرار والأمن، وسيمهد لخلق بيئة تعاون سياسي واقتصادي على مستوى المنطقة ككل.
وهنا، يستوجب الإشارة لما قاله وزير الخارجية الأميركي للصحفيين، بعد لقائه وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني في أنطاليا التركية في الخامس عشر من الشهر الجاري، حيث قال إن الولايات المتحدة تريد أن تفعل كل ما في وسعها للمساعدة في تحقيق السلام والاستقرار في سوريا مع خروجها من حرب دامت 13 عاما.
وأكد روبيو وفق ما كرته “رويترز”، أن الاستقرار في سوريا ينعكس إيجاباً على كل المنطقة، والإدارة السورية الجديدة تريد السلام مع جميع جيرانها.
وسبق لوزارة الخارجية والمغتربين أن أكدت عقب قرار رفع العقوبات الأميركية، بأن الدولة السورية تستعيد اليوم موقعها الطبيعي على الخارطتين العربية والدولية مستندة إلى رؤية جديدة عنوانها التعاون والانفتاح. مشيرة إلى أن إعادة بناء الدولة، تشمل إعادة نسج علاقات التعاون الدولي وتفعيل الشراكات الثنائية ومتعددة الأطراف، لافتة إلى أن هذه المرحلة تتطلب من جميع الشركاء الدوليين الانخراط البنّاء مع سوريا، والمساهمة في مسيرتها نحو التعافي الشامل.

آخر الأخبار
خطة طوارئ لمواجهة حرائق الصيف في سوريا الدفاع المدني والطوارئ تعلنان الجاهزية الكاملة  انخفاض سعر الصرف.. وترقب لانخفاض الأسعار  الاقتصاد السوري أمام تحدي الاستجابة لتسارع حركة الانفراجات   الشرع يبحث مع أردوغان في اسطنبول العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية "أردوغان" يستقبل الرئيس "الشرع" في إسطنبول: تأكيد على شراكة جديدة وتوافق على وحدة سوريا      "باراك" يلتقي "الشرع" في إسطنبول: واشنطن تبدأ أولى خطوات الانخراط المشروط مع سوريا الجديدة  بيدرسون: استمرار الدعم الدولي لسوريا يضمن نجاح العملية السياسية   إنجاز حيوي يعزز الاستقرار الخدمي والمائي..وزير الطاقة يفتتح محطة مياه العرشاني بإدلب    صناعيّون وخبراء لـ"الثورة": توفر الكهرباء يعزز الخدمات ويدعم الإنتاج دخول 28 شاحنة معبر نصيب تحمل مساعدات طبية مقدمة من السعودية منطقة حرة في إدلب:خطوة استراتيجية لتنشيط الاقتصاد من بوابة الجارة تركيا   هيكلة شاملة للأمن السوري: نهاية "شعبة الرعب" وبداية مرحلة الشفافية لا شعبة سياسية ولا سجون تعذيب 400 مليون ليرة لتأهيل طريق ناحته المليحة الشرقية   بالتعاون مع المجتمع المحلي.. حملة نظافة واسعة في بلدة أم المياذن    قوشجي لـ"الثورة": نجاح رفع العقوبات مرهون بخطة حكومية حقيقية واشنطن تطوي صفحة سوداء من الماضي .. وتؤكد شرعية الرئيس الشرع  الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستقبل السيد الرئيس أحمد الشرع في قصر دولمة بهتشة بمدينة إسطنبول تجميد قانون قيصر لـ6 أشهر.. وزير المالية: خطوة مهمة لانفتاح اقتصادي  رخص مؤقتة لذبح الأضاحي في دمشق  15 مخالفة هدر مياه في درعا