المعرفة العلميّة… أداة دفاعيّة!

الثورة – عمار النعمة:

في عصر تتقدم فيه العلوم بشكل كبير وواسع، تظل التكنولوجيا البيولوجيّة- ولاسيما التعديل الجيني- موضع جدل واسع، ومع أن التعديل الجيني قد أسهم في تحسين الإنتاج الزراعي، ومعالجة الأمراض، وفتح آفاق جديدة في الطّب، لا تزال العديد من الأساطير تسيطر على الرأي العام.

“خلاصة التكنولوجية البيولوجية دليل في محاربة الأساطير على التعديل الجيني للنباتات والحيوانات والبشر”، عنوان كتاب صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب بـ ٣٩٩ صفحة من القطع الكبير للمؤلف ألكسندر بانتشين، وترجمة عياد عيد وهو عبارة عن قصة علمية ميسرة وجذابة عن الأجسام المعدلة جينياً وعن خلوها من الأضرار وعن سبل بنائها، وعن غير ذلك من التكنولوجيّات البيولوجية التي تقع في مركز النقاشات الاجتماعية.

نتعرف من هذا الكتاب على كل ما هو ممتع عن قراءة جزيئات الـ “دي إن إيه”، وإمكان استنساخ الإنسان وتكوين الكيميرا، والتلقيح الاصطناعي، والتشخيص الجيني والأساليب المعاصرة لشفاء الأمراض الوراثيّة بمساعدة العلاج الجيني، كما نطلع على آفاق إطالة عمر البشر وتحقيق الانتصار على الشيخوخة.

يأتي الكتاب في الوقت نفسه مفصلاً على الأساطير المنتشرة في المجتمع والمرتبطة بتطبيق التكنولوجيات البيولوجيّة في الممارسة، وأسباب نشوء المخاوف المتوهّمة.

تضمن الكتاب ستة عشر فصلاً ومنها الهندسة الجينيّة.. يرى فيها المؤلف في مقدمته أن العلاج الجيني، والاستنساخ العلاجي والتناسلي، والإخصاب الاصطناعي والتشخيص الجيني، وقراءة الـ” د ي إن إيه”، وبناء الأجسام المعدّلة جينياً، ليست سوى جزء من المواضيع الأكثر حيوية والأكثر عرضة للنقاش في الوقت نفسه في المجتمع، يقول: سنولي اهتماماً خاصاً للهندسة الجينية، فهي اليوم ليست اتجاهاً تطبيقياً مهماً في العلم فقط، بل الوسيلة الرئيسية في دراسة الكيفية التي بنيت عليها الحياة، وسنبحث في ماهية الجينات، وكيف تتبدل وتعمل، وكيف تنتقل من جسم إلى آخر في الطبيعة والمختبر.

ثمة قسم من الكتاب لم نخصصه للمسائل البيولوجية بقدر ما خصصناه لمشكلات عدم تقبل الهندسة الجينية وغيرها من التكنولوجيات البيولوجية في المجتمع، لأننا مهما ابتكرنا من تكنولوجيات رائعة فإن النفع منها سيكون قليلاً ، إذا ما خاف الناس من استخدامها، وسنحاول تحديداً فهم أين يكمن سبب ذلك الخوف من المنتجات الغذائية التي بنيت بأساليب الهندسة الجينية، ومن يختلق الأساطير حولها ولماذا، وما العواقب السلبية التي يمكن أن تنجم عن الموقف الاجتماعي الخاطئ في هذا المجال.

لا تستطيع الهندسة الجينية وغيرها من التكنولوجيات البيولوجية معالجة الأمراض التي كانت مستعصية سابقاً وحسب، ولا تستطيع إطالة عمر الإنسان وتحسين نوعية حياته وحسب، بل تقلص أيضاً على نحو ملموس الأذى الذي تلحقه البشرية بالوسط المحيط.

أنهى كاتب الروايات الخيالية البولندي والفيلسوف وعالم المستقبليات ستانيسلاف ليم نتاجه المشهور خلاصة التكنولوجية البيولوجية بالكلمات التالية:

لقد بنت الطبيعة من عشرين حرفاً من حروف الحموض الأمينية لغة خالصة، يمكن بإعادة ترتيب طفيفة في مقاطعها النوكليوتيدية، ولو توافر ما يكفي من الوقت التعبير عن العاثيات والفيروسات والبكتيريا، كذلك عن الديناصورات اللاحمة الضخمة والنمل الأبيض وطيور الطنان والغابات والشعوب.

إن هذه اللغة اللا نظريّة إلى أقصى حد لا تستوضح مسبقاً الظروف في قاع المحيطات وأعالي الجبال وحسب، بل تستشف طبيعة الضوء الكمية والترموديناميك والكهروكيمياء وتحدد موقع الصدى وتوازن السوائل وغير ذلك الكثير الكثير مما لم نعرفه بعد! إنها تفعل ذلك كله عملياً فقط، لأنها لا تدرك شيئاً وهي تخلق كل شيء.

لكن كم يتفوّق انعدام معقوليتها بالإنتاجيّة على حكمتنا إنها تفعل ذلك على نحو غير مضمون، وهي المالك المبذر للتأكيدات المصطنعة عن مواصفات العالم، لأنها تعرف طبيعته الإحصائيّة وتتصرّف طبقاً لها، إنها لا تعير انتباهاً إلى التأكيدات المفردة فما يمثل وزناً عندها هو جملة المقولات التي وضعت إبان مليارات السنين، فعلاً، يستحق الأمر تعلّم لغة كهذه اللغة هي التي تخلق الفلاسفة في الوقت الذي تخلق فيه لغتنا الفلسفة وحسب.

آخر الأخبار
الاتصالات تبحث التعاون الرقمي والتقني مع وفد التجارة الأردني في بيلدكس.. شركات تعود من الغربة لتبني من جديد  رؤى لتطوير صناعة النسيج ومقومات نجاحه    خربوطلي لـ"الثورة": سوريا تبقى الشاغل لدول العالم لفرصها الاستثمارية  الشيباني: بوادر الاستثمارات الضخمة بدأت وستنعكس إيجاباً على المواطن شركات جزائرية في حسياء الصناعية بشائر خير للأسواق السورية..  تفاهمات ولجان لعلاقات صناعية و تجارية متقدمة مع الأردن    وقف استيراد الخضار  العقاد لـ"الثورة": بلدنا زراعي يصدّر ولا يستورد    تشخيص واقع مزارع الفستق الحلبي ودعوات لدعم المزارعين  محاضرة عن واقع مياه الشرب في حلب .. آفاق وتحديات    ميليباند: الاحتياجات في سوريا هائلة والقيادة الجديدة تريد الاستقرار للمنطقة تشغيل محطة مياه المريعية النموذجية باستطاعة 160 م3/سا خازن غرفة تجارة الريف : نسعى إلى تبسيط الإجراءات تسويق 242 طناً من القمح في حمص  اغتيال ضابط شرطة في جرابلس بعبوة ناسفة استهدفت سيارته وأصابت أسرته  "المالية" والمنافذ البرية والبحرية تناقشان التنسيق المالي والجمركي  تناقص كبير في نسبة تخزين سدود حمص تقييم أضرار المباني الخاصة تمهيداً لإعمارها في درعا  توزيع قرطاسية على 1300 طالب وطالبة في كويا  العملات المشفرة إلى أين؟.. تعاملات في الظل عبر الانترنت ومن دون مرجعية "المركزي"