الثورة – خاص:
افتتح وزير الخارجية والمغتربين في سوريا، السيد أسعد الشيباني، والمبعوث الخاص للولايات المتحدة الأمريكية إلى سوريا، السيد توماس باراك، دار سكن السفير الأمريكي في العاصمة السورية، إيذاناً بعودة الحضور الأمريكي التدريجي إلى البلاد بعد أكثر من عقد على انقطاع رسمي، في خطوة رمزية تعبّر عن بداية مرحلة جديدة من الانفتاح الدبلوماسي بين دمشق وواشنطن.
يمثل هذا الحدث تتويجاً لسلسلة من اللقاءات السياسية والدبلوماسية التي جرت خلال الأشهر الماضية، وأعاد فتح قنوات الاتصال بين دمشق وواشنطن ضمن رؤية جديدة تقوم على الشراكة والاحترام المتبادل، ويُعد افتتاح مقر السكن الدبلوماسي للسفير الأمريكي أول خطوة عملية من الجانب الأمريكي باتجاه استعادة التمثيل السياسي في سوريا، بعد سنوات من القطيعة والتوتر.
وخلال مراسم الافتتاح، أكد الوزير الشيباني أن سوريا “تمدّ يدها لكلّ من يسعى إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة، بعيداً عن الإملاءات”، مشيراً إلى أن “المعادلة السياسية في سوريا تغيّرت، ولم تعد البلاد تقبل أن تُدار من الخارج، بل تسعى إلى علاقات بنّاءة تحفظ السيادة وتخدم مصالح الشعوب”.
من جانبه، اعتبر المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، أن افتتاح مقر إقامة السفير هو “إشارة واضحة إلى التزام الولايات المتحدة بدعم مرحلة التعافي السياسي والاقتصادي في سوريا”، موضحاً أن هذه الخطوة “ليست عودة شكلية، بل بداية مسار طويل من التعاون القائم على الاحترام والدعم المتبادل”.
وأشار باراك إلى أن واشنطن تنظر إلى ما يجري في سوريا على أنه “فرصة لإعادة رسم العلاقة بين الشعبين بعيداً عن العداوات القديمة”، مؤكداً أن الإدارة الأمريكية تدعم مسار الحوار السوري الداخلي، وخيارات الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
يأتي هذا التطور في ظل تسارع المتغيرات الإقليمية والدولية بعد سقوط نظام الأسد، وما تبعه من قرارات أمريكية وأوروبية برفع العقوبات الاقتصادية وإعادة النظر في السياسات تجاه سوريا.
ويُفهم من هذا الانفتاح التدريجي أن واشنطن باتت تتعامل مع دمشق بصفتها طرفاً فاعلاً في مسار الاستقرار الإقليمي، وليس مجرد ملف معزول على طاولة السياسات الدولية.
ورغم عدم صدور إعلان رسمي عن إعادة افتتاح السفارة الأمريكية، إلا أن افتتاح دار السكن يشير إلى نية أمريكية واضحة لإعادة ترسيخ الوجود الدبلوماسي في سوريا، تمهيداً لتطوير العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية. يُذكر أن التمثيل الأمريكي في سوريا ظل مجمدًا منذ عام 2012، ومع الانفتاح الأخير، يتوقع مراقبون أن تشهد العلاقات بين البلدين تقدماً تدريجياً يتماشى مع التحولات في بنية الدولة السورية ومكانتها الإقليمية. واختُتمت المناسبة بتأكيد الجانبين على أهمية البناء التدريجي للثقة، وتوسيع مجالات التعاون، وتعزيز التواصل في مختلف الملفات ذات الاهتمام المشترك، بما يحقق مصلحة الشعب السوري ويُسهم في استقرار المنطقة برمتها.