الثورة – سيرين المصطفى:
تعتبر بسطات الأسواق الشعبية المتنقلة في مدينة إدلب من أهم المقاصد لأصحاب الدخل المحدود والمهجرين، حيث تلعب دوراً أساسياً في توفير بديل اقتصادي حيوي يمكنهم من تلبية احتياجاتهم اليومية بسهولة وبتكلفة أقل مقارنة بالمحال التجارية التقليدية. هذه البسطات ليست مجرد أماكن لبيع السلع، بل تشكل شبكة دعم اقتصادي واجتماعي للأسر التي تعاني من ضغوط المعيشة وارتفاع الأسعار.
تشهد هذه البسطات تنوعاً واسعاً في السلع المعروضة، من الملابس والأدوات المنزلية إلى المواد الغذائية الخفيفة، ما يجعلها وجهة متكاملة تلبي حاجات مختلف أفراد الأسرة. يتميز الباعة في هذه الأسواق بالتعامل الشخصي مع الزبائن، ما يتيح للأسر محدودي الدخل فرصة التفاوض على الأسعار، وهو أمر لا توفره المحلات الثابتة التي تتسم بأسعار محددة ومرتفعة.
تقول السيدة فاطمة (40) عاماً من سكان المدينة: “البسطات كانت دائماً خيارنا الأول لأنها تعطي فرصة لاختيار أفضل السلع بأسعار معقولة، وأستطيع التفاوض على السعر مما يساعدني على تقليل نفقات المنزل بشكل كبير. مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، أصبحت هذه البسطات ضرورية جداً لنا.”
وتضيف السيدة أم عبدو (45) عاماً: “المرونة في البيع ودفء التعامل مع الباعة يجعلني أعود دائماً لهذه الأسواق. أشعر أنني أشتري من مكان يفهم ظروفي الاقتصادية، بخلاف المحلات التي تضع الأسعار حسب مصالحها دون مراعاة ظروفنا.”
أما أبو عماد، بائع في أحد الأسواق الشعبية المتنقلة، فيقول: “البسطات تمثل ملاذاً للمهجرين الذين عادوا حديثاً ولم يستقروا بعد، ولمن لم تتوفر لهم فرص عمل مستقرة. نحن هنا لنقدم لهم بضاعة بأسعار تناسب ميزانياتهم، ولا نمانع في المساومة لأننا نعرف أن ظروفهم صعبة”.
من الناحية الاجتماعية، تخلق هذه الأسواق أجواء تفاعلية تشجع على التواصل بين الباعة والمشترين، ما يعزز من روح التضامن والتفاهم في المجتمع، ويجعل من التسوق تجربة أكثر مرونة وإنسانية. وبالنسبة للعديد من الأسر، تشكل هذه الأسواق مصدر أمان اقتصادي في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية والارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات.
على الرغم من التحديات التي تواجهها إدلب من الناحية الأمنية والاقتصادية، تستمر بسطات الأسواق الشعبية المتنقلة في لعب دورها الحيوي كبديل اقتصادي مهم، خصوصاً مع ارتفاع أسعار المحلات الثابتة وقلة البدائل المناسبة للمحتاجين. تبقى هذه البسطات خياراً لأصحاب الدخل المحدود والمهجرين، تساعدهم في مواجهة ضغوط الحياة اليومية، وتوفر لهم حلولاً عملية للحفاظ على استقرار معيشي معقول.