الثورة – سيرين المصطفى:
تفاعل مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي، مع مقطع فيديو للقاء مع إحدى العائلات النازحة من بلدة كفرزيتا بريف حماة، ظهرت فيه طفلة تبكي بحرقة، بعدما عادت صديقاتها إلى قريتها مع ذويهم عقب التحرير، بينما بقيت هي مع صديقة واحدة فقط، حيث لاتزال الآلاف من العائلات السورية النازحة في مخيمات التشرد لا تستطيع العودة لقراها بسبب الدمار الذي لحق بها.
العائلة عبّرت عن حزنها لعدم قدرتها على العودة إلى كفرزيتا رغم تحريرها، بسبب دمار منزلهم بشكل كامل جراء القصف والمعارك التي دارت في المنطقة، فالبيت الذي كانوا يسكنونه لم يعد صالحاً للحياة، وتحول إلى أنقاض، مما اضطرهم للبقاء في مكان نزوحهم، رغم مغادرة عدد كبير من الجيران وعودة الكثير من الأسر إلى بلداتهم.
لكن هذه الحالة لا تمثّل وضعاً خاصاً، بل تعكس واقعاً عاماً تعيشه آلاف العائلات السورية التي لا تزال تقيم في مخيمات النزوح أو في دول اللجوء، رغم انتهاء المعارك في مناطقها الأصلية، يعود السبب الرئيسي إلى الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والمنازل، بالإضافة إلى غياب الإمكانيات المادية اللازمة لإعادة البناء. كثير من العائلات فقدت مصادر دخلها، ولم تعد تملك القدرة على ترميم ما تهدم.
هذا الوضع ألقى بظلاله الثقيلة على النازحين، وخصوصاً من الناحية النفسية، إذ يشعر كثيرون بالمرارة لأن قراهم تحررت، لكنهم غير قادرين على العودة إليها. إحساس بالغربة يستمر رغم انتهاء المعارك، ويزداد مع رحيل الأصدقاء والجيران الذين عادوا إلى بلداتهم، مما جعلهم يشعرون بالوحدة والفراغ.
وأدى عودة قسم من الأهالي إلى إغلاق المحال والدكاكين الصغيرة التي كانت تُشكّل جزءاً من تفاصيل الحياة اليومية، مما أثر على عملية حصولهم على احتياجاتهم. أما الأطفال، فهم الأكثر تأثراً بهذا الواقع، إذ يواجهون ألم الفقد والابتعاد عن أصدقائهم، ما يترك أثراً عميقاً في نفوسهم.
إن معاناة النازحين السوريين لم تنته بتحرير البلاد، فالعائق الأكبر ما زال في إعادة الإعمار، وغياب الدعم اللازم لتمكينهم من العودة إلى حياتهم الطبيعية. العودة إلى الديار كانت حلماً يراودهم طوال سنوات النزوح، لكن الواقع اليوم يُحبط هذا الحلم، ويجعل من استعادة الحياة الكريمة تحدياً كبيراً يحتاج إلى جهود فعلية تتجاوز الشعارات.