الثورة- منذر عيد
أربعة أيام متتالية من الهجوم والهجوم المضاد بين إيران وإسرائيل، قتلى هنا وهناك، دمار على ضفتي الجبهة، تصريحات وتهديدات يطلقها كل طرف ضد الآخر، وتفاخر بقدرات كل منهما لجهة الترسانة العسكرية التي يملكها، والتفوق والتكتيك الاستخباراتي في خداع الآخر، ما قاد إلى تعدد الروايات المتناقضة وكثرة التحليلات.. ليبقى السؤال الأوضح.. من خدع الآخر ومن وقع في شراك من؟.
لم تأخذ طهران قول وزير التراث الإسرائيلي المتطرف، عميحاي إلياهو، قبل يوم من الهجوم، “في الاستراتيجية، تُشن الحرب فجأة”، على محمل الجد، فالرجل يمتلك تاريخاً حافلاً من التصريحات المتطرفة، ما شكل ذلك ورقة إضافية إلى مجلد التضليل والخداع الذي لجأت إليهما إسرائيل قبيل الهجوم لخلق انطباع بأن الهجوم ليس وشيكاً.
في هذا السياق قالت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية: إن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أوحى، عشية الهجوم، بأن اجتماع “الكابينت” كان مخصصاً لمناقشة ملف الرهائن المحتجزين في غزة، لإبعاد الأنظار عن التحضيرات التي وضعت النقاط النهائية وأعطت الضوء الأخضر للهجوم، إضافة إلى إعلان نتنياهو عن رغبته بعدم الإقدام على أي تصعيد قبل حفل زفاف ابنه المرتقب، ورغبته بالخروج في “عطلة عائلية”، كما نشر “بيان كاذب”، كما وصفته الصحيفة عن زيارة وشيكة لمسؤولين أمنيين إلى واشنطن لمناقشة الملف النووي الإيراني.
لم تقتصر إجراءات إسرائيل على عملية التضليل والخداع السياسي، بل ترافق ذلك مع جهد استخباراتي، حيث أكدت وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية بأن مسيّرات هُرّبت بشكل مسبق إلى إيران كانت، إلى جانب الصواريخ والطائرات الحربية، ضمن الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في الهجوم، لتؤكد الصحافة الإسرائيلية أيضاً أن وحدات كوماندوس نصبت في العراء وسط إيران أنظمة حربية قابلة للتوجيه بالقرب من منصات إطلاق صواريخ أرض- جو إيرانية، إضافة إلى أن جهاز الموساد نشر سراً أنظمة حربية وتقنيات متطورة مخبأة في مركبات، هذا بالإضافة إلى تأكيد مسؤولين أميركيين أن إسرائيل والولايات المتحدة عدّلتا نظام طائرة إف-35 لحمل وقود إضافي دون أن يؤثر ذلك على خصائص التخفي فيها، ما أتاح بالمجال لعدم اضطرار المقاتلات للتزود بالوقود في الجو أو الهبوط للتزود بالوقود في أي دولة قريبة خلال الهجوم، بحسب ما ذكر موقع ميدل إيست آي”.
حرب التضليل لم تقتصر على الجانب الإسرائيلي، حيث أكدت طهران عقب الهجوم الإسرائيلي الأولي أن عدة أهداف دمرتها القوات الإسرائيلية كانت مجسمات خداعية وُضعت عمداً لتضليل الطائرات المعادية، حسب ما نقل موقع “الدفاع العربي”، لينقل عن باحثين غياب التفجيرات اللاحقة في الأهداف المستهدفة، والتي تُعد مؤشراً تقليدياً على أن المنصات كانت مزودة بصواريخ أو مواد دافعة، موضحين أن هذا الغياب دفع إلى ترجيحات بأن إيران ربما نشرت مجسمات غير حقيقية – نماذج أو هياكل فارغة- لصرف الضربات الإسرائيلية بعيداً عن المنصات النشطة التي شاركت في الهجمات الأخيرة ضد الأراضي الإسرائيلية.
بالتوازي كانت حروب الأدمغة متواجدة في ميدان الحرب الإسرائيلية- الإيرانية، حيث قال الحرس الثوري الإيراني: إن الهجوم الأحدث والذي استهدف حيفا وتل أبيب وغرب القدس وإيلات ومناطق أخرى اليوم الاثنين، شمل أنظمة القيادة والسيطرة الإسرائيلية، عبر استخدام أساليب جديدة وقدرات معلوماتية وتجهيزية مطورة، ما تسبب في إرباك الأنظمة الدفاعية متعددة الطبقات الإسرائيلية، لدرجة أن بعض أنظمتها الدفاعية أطلقت النار على بعضها البعض، حسب ما أظهرت فيديوهات متداولة على المواقع الالكترونية.
استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران، وإعلان كل طرف أن القادم بالنسبة للآخر أعظم وأشد إيلاماً، يفتح أبواب الاحتمالات على مصراعيها، لجهة صمود كل طرف، ومستقبل المنطقة، ودور الدول الإقليمية والدولية في التدخل بوساطات ما.
