أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي
دخل الصراع بين إسرائيل وإيران مرحلة أكثر عنفاً في يومه الرابع، مع تصاعد الضربات الصاروخية والهجمات المتبادلة، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى، وسط تحذيرات دولية من توسّع رقعة النزاع في الشرق الأوسط.
ورغم أن سوريا ليست طرفاً مباشراً في هذا التصعيد، إلا أن أراضيها وأجواءها باتت ساحة مفتوحة للصواريخ والطائرات المسيّرة، في ظل انتهاكات متكررة لأجوائها، كان آخرها سقوط ذخائر على منازل المدنيين في طرطوس وريف درعا والقنيطرة، ما أسفر عن خسائر بشرية وأضرار مادية.
وفي هذا السياق، قال فضل عبد الغني، مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في تصريح لصحيفة “الثورة”، إن الطائرات المسيّرة وشظايا الصواريخ التي تساقطت في جنوب البلاد خلّفت دماراً في المرافق السكنية وأثارت الذعر في صفوف السكان، مضيفاً أن هذه الأوضاع تنذر بخطر أوسع قد يهدد أمن المدنيين ويزعزع الاستقرار الهشّ في البلاد.
وأشار عبد الغني إلى أن التصعيد الحالي ألحق أضراراً مباشرة بحركة الطيران المدني في سوريا، حيث تعطلت العديد من الرحلات الجوية من وإلى مطار دمشق، وتكبدت البلاد خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة الإغلاق الكامل للمجال الجوي، وهو ما أثّر أيضاً على وصول المساعدات الإنسانية وحركة الوفود الدولية والسياح، فضلاً عن عرقلة سفر المواطنين السوريين داخل البلاد وخارجها.
وأكد عبد الغني لـ “الثورة” أن كلًا من إيران وإسرائيل انتهكتا السيادة الجوية السورية دون أي تنسيق مع السلطات الشرعية، معتبراً أن على الحكومة السورية أن تتحرك بشكل فوري لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، الخاصة بحق الدفاع عن النفس، وكذلك المادة 35 الخاصة بإحالة النزاعات إلى المجلس.
كما دعا إلى المطالبة بعقد جلسة طارئة في منظمة الطيران المدني الدولي لمناقشة عسكرة الأجواء السورية، والعمل على تخصيص ممر جوي إنساني آمن ومحايد، بالتوازي مع تقديم مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يؤكد حياد سوريا، ويدعو جميع الأطراف الإقليمية إلى احترام سيادتها الجوية.
ورأى عبد الغني، ضرورة التمسك باتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974، والتأكيد على رفض استخدام الأراضي السورية كمنصة لأي اعتداء خارجي، مشدداً على أهمية تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي لوضع استراتيجية لمحاسبة الأطراف التي تخرق السيادة السورية، فضلًا عن التنسيق مع جامعة الدول العربية لمراقبة الوضع عن كثب وإدانة الانتهاكات المتكررة.
ورغم تطورات الميدان المتسارعة، لم تُصدر الحكومة السورية برئاسة الرئيس أحمد الشرع موقفاً مباشراً من التصعيد الإيراني–الإسرائيلي، ما يعكس تبنّيها لسياسة “الحياد الحذر” في إطار سعيها إلى الحفاظ على الاستقرار الداخلي، ومواصلة جهود إعادة الإعمار وتنظيم الحياة السياسية بعد سقوط نظام بشار الأسد.
ويبرز هذا النهج الرسمي من خلال تصريحات وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح، الذي دعا المواطنين إلى توخي الحذر من مخلفات القصف دون توجيه اتهامات لأي طرف، ما يعكس حرص الحكومة على حماية السكان وتفادي أي انزلاق أمني قد يعيد البلاد إلى مربع الفوضى.
وفي وقت تنخرط فيه القوى الإقليمية في سباق تسلّح وتصعيد متبادل، تبرز دمشق الجديدة كدولة تسعى لترسيخ دورها كطرف محايد في صراعات المنطقة، حريصة على حماية سيادتها وبناء مستقبل قائم على الاستقرار والتنمية، لا على ركام المعارك الإقليمية.