مكافحة الأخبار المزيفة.. بين التحديات والاستراتيجيات  

الثورة – بتول الأحمد:

في عصر تتدفق فيه المعلومات بلا توقف، أصبحت ظاهرة الأخبار المزيفة (الفايك نيوز) سلاحاً خطيراً يهدد استقرار المجتمعات، خاصة في سوريا التي تعاني من أزمات متعددة بسبب الحرب والنزاعات.

فكيف تؤثر هذه الأخبار على النسيج الاجتماعي السوري؟ وما هي سبل مواجهتها؟.

تتعامل الدولة مع هذه الظاهرة من خلال مجموعة من الإجراءات الرسمية وغير الرسمية، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها في هذا المجال.

ففي خضم الصراع المستمر بأوجهه المختلفة، أصبحت الأخبار المزيفة أداة تستخدمها مختلف الأطراف للتأثير على الرأي العام المحلي والدولي.

ووفقاً للتحليلات الإعلامية، فإن الأخبار المزيفة “تمثل الخطر الأكبر الذي يواجه الصناعة الإعلامية على الإطلاق”، وستزداد ضخامتها مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة في ظل استخدام “التزييف العميق” (Deep Fake) لخلق محتوى مُضلل .

  وقود الأزمات

تنتشر الأخبار الكاذبة عبر منصات التواصل الاجتماعي، مستغلة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة لتزيد من حدة التوتر، ووفقاً للدكتور نزار شقير (مدير مركز الدراسات الإعلامية بجامعة حلب)، فإن “63% من الشائعات في مناطق النزاع تُصنع عبر الذكاء الاصطناعي لاستهداف مجتمعات محددة”، ما يزيد من حدة الانقسامات الطائفية والمناطقية.

كما تؤثر في زعزعة الثقة وانهيارها بالإعلام الوطني فمع تكرار الأخبار الكاذبة يفقد المواطنون الثقة في وسائل الإعلام التقليدية وحتى في المصادر الموثوقة.

وتسبب الشائعات حالات رعب جماعي ولها تأثير نفسي كبير، خاصة عند تعلقها بمواضيع كالأمن الغذائي، وهو ما رصدته تقارير الأمم المتحدة للمرأة في سوريا .

وعلى الصعيد السياسي تستخدم الاخبار المزيفة كأداة للتأثير على الرأي العام، سواء لصالح جهات داخلية أو خارجية كتضليل إعلامي يخدم هذه الجهات.

وحول الإجراءات الرسمية لمكافحة الأخبار المزيفة التي اتخذتها الجهات المعنية في بلدنا، كإجراءات رسمية لمواجهة هذه الظاهرة، يشير شقير إلى الرقابة على وسائل الإعلام حيث تمارس الجهات المعنية رقابة صارمة على الوسائل التقليدية والرقمية، عبر مراقبة المحتوى المنشور وحذف ما يعتبر أخباراً مزيفة أو مضللة.

وحسب تقرير نشر في 2024 لوكالة الأنباء السورية سانا يتم حذف المحتوى المُضلل عبر مراكز مراقبة إلكترونية تُحلل 500 منشور يومياً .

وهناك المحاكمات العسكرية في الحالات التي تتعلق بالأمن القومي، حيث تتم محاكمة الأشخاص المتهمين بنشر معلومات كاذبة أو التعاون مع جهات أجنبية أمام محاكم عسكرية، بالإضافة إلى التحذيرات الرسمية الدورية التي تصدرها الجهات الرسمية للإعلاميين ووسائل الإعلام، كما ظهر في منشور لصفحة “بصرى الشام نيوز” التي ناشدت الإعلاميين “توخي الدقة في بث أخبارها وعدم تسويق الأخبار الكاذبة او فبركتها”.

وإلى جانب الإجراءات الرسمية، ظهرت بعض المبادرات المجتمعية لمكافحة الأخبار المزيفة، كمنصة “تأكّد” السورية وهي مشروع إعلامي تم إنشاؤه نتيجة لكثرة الشائعات والأخبار المغلوطة التي تنشرها مؤسسات الإعلام البديل في سوريا تهدف هذه المنصة إلى بيان الحقيقة للقارئ من خلال التحقق من صحة الأخبار والصور المتداولة.

وهناك حملات لتوعية المواطنين بمخاطر الأخبار المزيفة وكيفية التحقق منها، وإن كانت هذه الجهود محدودة مقارنة ببعض الدول الأخرى.

التحديات الرئيسية

كذلك تواجه الجهود السورية لمكافحة الأخبار المزيفة عدة تحديات رئيسية، على عكس بعض الدول العربية مثل مصر والأردن والبحرين التي سنت قوانين خاصة بمكافحة الأخبار المزيفة، وحسب رأي د. لمى أحمد- خبيرة في التشريعات الإعلامية:

ربما تفتقر سوريا إلى غياب الإطار القانوني والتشريعات الواضحة في هذا المجال، ناهيك عن الانقسام السياسي والجغرافي، ما يصعب عملية مكافحة الأخبار المزيفة على مستوى البلاد بأكملها.

كما تعاني سوريا من ضعف في البنية التحتية الرقمية والخدمات الإلكترونية، ما يعيق تطوير آليات فعالة للتحقق من صحة المعلومات.

مقارنة مع التجارب الإقليمية

وبالتالي يمكن لسوريا الاستفادة من تجارب الدول العربية الأخرى في مكافحة الأخبار المزيفة، مثل مصر، حيث صادق الرئيس السيسي على قانون يسمح بمراقبة الحسابات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي التي يتابعها أكثر من 5000 شخص. والأردن: الذي عدل قانون الجرائم الإلكترونية ليشمل تجريم الشائعات والأخبار الكاذبة بعقوبات تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنتين سجن والخليج العربي، حيث نشر مكتب التربية العربي لدول الخليج إصداراً متكاملاً عن المواطنة الرقمية، ودليلاً للآباء للتنشئة الرقمية الصحيحة للأطفال.

الحلول المقترحة

وحسب رأي الخبراء تكمن جهود مكافحة الأخبار المزيفة في بلدنا من خلال تعزيز التعليم الإعلامي وإدخال مفاهيم “المواطنة الرقمية و”محو الأمية الإعلامية” في المناهج التعليمية، كما هو الحال في بعض الدول المتقدمة.

كما يتطلب حث وتشجيع المبادرات الشبابية لتطوير أدوات التحقق من صحة الأخبار، مثل تلك الموجودة في بعض الدول العربية (Tineye، Izitru، Photoforensics) وتمويل المنصات السورية مثل “تأكّد” لتطوير أدوات تعمل بالذكاء الاصطناعي، كما أوصى الخبير التكنولوجي عمر قاسم.

بالإضافة إلى إصدار تشريعات واضحة ووضع قوانين تحارب الأخبار المزيفة مع ضمان ألا تستخدم هذه القوانين لقمع حرية التعبير المشروعة.

“الأخبار المزيفة ليست كذبة عابرة، بل قنابل تفكك المجتمعات” وفق تقارير اليونسكو.

وفي سوريا يحذر الدكتور نزار شقير من أن “أخطر الشائعات هي التي تُصدّقها الدولة نفسها”، وبالتالي تبقى المواجهة رهناً بتحالف ثلاثي: تشريعات تحمي لا تُعسف، ومبادرات مجتمعية مستدامة، ومواطن يتحقق لا يستهلك.

آخر الأخبار
مدير عام "الصناعات الغذائية" تكشف لـ "الثورة":  معامل المؤسسة تطرح للاستثمار وفق جدواها الاقتصادية ... انتظار ممل من الثورة إلى الدولة: حين يتحوّل الحلمُ إلى مسؤولية مدرسة تمريض وأقسام جديدة في مستشفى بصرى الشام بدرعا محافظ درعا يلتقي أمناء السر ورؤساء المراكز الامتحانية مسلسل "ضياع الحمضيات" مستمر بالعرض رغم فشله.. حلقات من التخبط والنتيجة "ضحك على ذقن الفلاح" محافظة دمشق تعد بحلّ إشكاليات المرسوم التشريعي 66 "حماية المستهلك" في اللاذقية: الأسعار تخضع لسوق حر تنافسي قرارٌ يثير الجدل.. وكلية الحقوق توضّح مدير "زراعة طرطوس" يقر بصعوبات الإنتاج الزراعي تصحيح الأسئلة المؤتمتة يدوياً يرفع نسبة الخطأ.. حبوب: لجان للتصحيح وأخرى للمتابعة والتدقيق درعا.. أنشطة تفاعلية لدعم الأطفال زمن الأزمات والحروب درعا.. مزارعو البندورة: إنتاج وفير وتكاليف عالية تركيا: التطورات في سوريا مصدر تفاؤل للمنطقة والعالم أجمع تفاهمات سورية - تركية.. تسهيلات تجارية ومبادرات إنسانية لتعزيز الاستقرار إدمان الأطفال تحدٍ اجتماعي وحكومي.. "شم الشعلة" صورة لهشاشة الواقع الاجتماعي  إزالة مكبّ الإدعشرية : خطوة بيئية و تنظيمية نحو دمشق أكثر نظافة سوريا تمضي نحو منصة وطنية للاستجابة للطوارئ; و"رائد الصالح" يبحث مع الصليب الأحمر الدولي دعم منظومة ... سقوط صاروخ إيراني في ريف السويداء بعد اعتراضه من قِبل إسرائيل   الهلال الأحمر القطري يواصل برامج التغذية العلاجية في سوريا