فتح المعابر.. تنشيط للاقتصاد وجذب الاستثمارات خبيران لـ”الثورة”: فرصة للترانزيت الدولي وفتح مناطق حرة
عبد الحميد غانم
في الوقت الذي تتوجه فيه الحكومة السورية نحو تنشيط الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز دور سوريا كمركز إقليمي للتجارة والخدمات اللوجستية، شهدت سوريا افتتاح عدد من المعابر الحدودية بعد أن كانت مغلقة في غالبيتها.
كما شهدت عدداً من الاتفاقيات مع شركات دولية كبرى لإدارة الموانئ والمعابر البرية والمناطق الحرة، بهدف تطوير وتحديث البنية التحتية، وتعزيز كفاءتها التشغيلية، وزيادة قدرتها التنافسية.
ضمن هذا السياق، ينوه الخبير الاقتصادي الدكتور عامر خربوطلي بالموقع الجغرافي لسوريا، وما له من أهمية كبرى في العلاقات الاقتصادية أولاً وفي تعزيز الحركة الاقتصادية والنمو الاقتصادي ثانياً.
وقال خربوطلي في تصريح خاص لـ”الثورة”: إن سوريا حباها الله بموقع فريد من نوعه وبأهميته الاستراتيجية والاقتصادية التي تربط بين ثلاث قارات هي آسيا، أوروبا، وإفريقيا، حيث تعتبر منفذاً لآسيا باتجاه أوروربا عن طريق تركيا.
وأيضاً من آسيا له منفذ عن طريق الأردن عبر مصر إلى إفريقيا، وأخيراً قارة آسيا عبر العراق ودول الخليج والمناطق الأخرى.
وبين خربوطلي أن المعابر البرية التي تشكل اليوم حدوداً مع العديد من دول البحر الأبيض المتوسط، تمنح سوريا أولاً فرصة الترانزيت الدولي بينها وبين هذه الدول، وثانياً إمكانية فتح مناطق حرة بين هذه الدول لتعزيز التبادل التجاري، استيراداً وتصديراً وإدخالاً مؤقتاً وجميع الأعمال التجارية المتوقعة.
ولفت خربوطلي إلى أن سوريا ليست جزيرة منعزلة، بل هي في قلب الحدث، ضمن مركز القرار المهم عالمياً في الاقتصاد.
وأكد خربوطلي أن الكل في العالم يبحث عن الاستثمار في سوريا، لأسباب عديدة أولاً لوجود إمكانات كبيرة بشرية ومادية وغيرها موجودة في سوريا، وثانياً لوجود الفرص الاستثمارية الكبرى وذات الريعية الاقتصادية، وأخيراً ما يتعلق بالاتفاقات التجارية التي ربطت سوريا بالعديد من الدول، والتي تمنحها ميزات تفضيلية في تصدير السلع.
وقال خربوطلي: اليوم أصبح الاقتصاد اقتصاداً حراً تنافسياً، والسوق السورية متجهة نحو المنافسة للسلع استيراداً وتصديراً لافتاً إلى أنه عزز هذه الفرص من خلال استثمار الميزات النسبية للاقتصاد السوري، وتحويلها إلى ميزات تنافسية قادرة على الاستدامة.
وأكد خربوطلي أن بناء الاقتصاد الجديد والمتجدد يتطلب الاستفادة من جميع هذه الصلات، وتقويتها من خلال ربطها بالبنية التحتية من سكك حديدية ومرافق ومطارات، وطرق برية تجعل من هذه المنطقة منطقة استقطاب اقتصادي كبير.
شامي: فتح المعابر انفراج للحركة التجارية، أما الباحثة السياسية والخبيرة في الشأن الاقتصادي الدكتورة سناء شامي، فقد أشارت إلى أن للمعابر دوراً أساسياً في حركة التجارة ونقل الإمدادات، مؤكدة أن إغلاقها خلال الفترة السابقة أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي للمواطن وزاد من حدة مأساته، ليس فقط الاقتصادية وإنما أيضاً الإنسانية.
وقالت شامي في تصريح خاص لـ”الثورة”: إنها لاتبالغ عندما تقول إن إغلاق هذه المعابر سبب أيضاً الإحساس بالعزلة، كذلك أثر على النشاط التجاري والمنافسة وارتفاع الاسعار، ما أدى إلى حصر نشاط العقل في نطاق البحث عن سبل لتأمين الاحتياجات الأساسية للمعيشة اليومية للمواطن السوري.
وأضافت: إنه بناء على ذلك فإن افتتاح أغلب المعابر السورية اليوم، هو بمثابة انفراج للروح والجسد قبل أن يكون للأسواق ولحركة التبادل التجاري.
وأكدت شامي أن للمعابر أهمية سياسية، فهي نقطة تماس بين الدول ولها تأثير عميق على العلاقات السياسية والأمنية والدبلوماسية والاقتصادية بين الدول، بل في مرات عديدة تحدد وترسم شكل هذه العلاقات، منوهة أن ذلك لا ينحصر دورها فقط بتأثيرها على حركات السلع والتبادلات التجارية، وعلى المستوى الجيوسياسي، غالباً ما يتم توظيف المعابر كورقة مساومة، لذلك خلال الحصار الاقتصادي على سوريا، كانت المعابر السورية حاضرةً في أجندة اللقاءات التي تمت سابقاً والآن، ومن هذا المنطلق، فإن افتتاح أغلب المعابر السورية، يبث أملاً سياسياً جديداً يشير إلى السيطرة على بؤر الصراعات المسلحة الحدودية و إمكانية رسم انعكاسات مختلفة وتبلور رؤى جديدة في الاقتصاد والعلاقات مع دول الجوار بشكل خاص، ومع الدول الإقليمية و العالمية بشكل عام.
وبينت شامي أن للمعابر دوراً أيضاً في الصراعات الجيوسياسية، لذلك كانت المعابر السورية في موقع نقاشات، ونزاعات بين واشنطن وموسكو وأنقرة.
أخيراً: لاشك أنه في الوقت الحالي وبعد افتتاح أغلب المعابر السورية، ينتظر الجميع أن تعمل التبادلات التجارية وإيرادات المعابر على تحسين الواقع المعيشي كما يأملون من هذه المعابر المفتوحة أن تكون نقطة انطلاق للأمن والسلام والاستقرار، وأن تخفف من شدة الضغوطات الاقتصاديه والسياسية على مستقبل البلد وأهلها، من أجل حاضر بنّاء وقادم واعد بالخير.