الثورة- منذر عيد:
قاعدتان جديدتان أخلتهما مؤخراً القوات الأميركية في شمال شرق سوريا، ليبلغ الإجمالي أربع قواعد، إضافة إلى خامسة تم تسليمها لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وذلك منذ تولي الرئيس دونالد ترامب مهامه في البيت الأبيض، بما يحقق مساعي الإدارة الأميركية باقتصار الوجود العسكري في سوريا على قاعدة واحدة، من ثماني قواعد كانت منتشرة في عدة أماكن من شمال شرق سوريا.
الإجراء الأميركي قض مضاجع قوات “قسد” وأثار هواجسها ومخاوفها، من البقاء وحيدة في مواجهة الضغوط التي تواجهها، في ظل إصرارها على الاستمرار ككيان مستقل عن الدولة السورية، بالمقابل تفتح عمليات الإخلاء الباب واسعا أمام آمال الحكومة في أن يدفع ذلك “قسد” للنظر في موقفها والاندماج في الحكومة الجديدة، كأحد مكونات الشعب السوري ومؤسساته. أولى هواجس “قسد”، تتمثل بعودة تنظيم “داعش” الإرهابي وتكثيف هجماته في المنطقة، ليؤكد قائد قوات “قسد”، مظلوم عبدي، من قاعدة الشدادي،” إن وجود بضع مئات من الجنود في قاعدة واحدة لن يكون كافيا لاحتواء تهديد تنظيم داعش، حسب ما نقلت وكالة “رويترز”. من الواضح أن عبدي أفصح عما يجول بخاطره من تخوف إزاء تزايد خطر “داعش”، إلا أن الشيء الذي لم يستطع الإفصاح عنه جهاراً، هو تخوفه من انكشاف قواته ومخططات إدارته، أمام ضغوط كل من تركيا والحكومة السورية، الأمر الذي أكده مراقبون حيث توقعوا أن يؤدي تقليص الوجود العسكري الأميركي في سوريا إلى تراجع الضغوط على التنظيمات الإرهابية، ما يمكنها من إعادة تنظيم صفوفها وتنفيذ هجمات من جديد، وأن تصبح قوات “قسد”، أكثر عرضة للتهديدات التركية، كما سيضطرها إلى السعي لتسويات سياسية مع الحكومة لضمان بقائها وحماية مناطقها، حسب ما ذكر موقع “ميدل ايست آي”.
تسارع الخطوات الأميركية بخصوص وجود قواتها العسكرية على الأراضي السورية، تزامن مع تأكيد واشنطن التزامها بتسليم إدارة مخيمات شمال شرقي سوريا، التي تديرها ” قسد”، إلى الحكومة السورية الجديدة، حيث قالت السفارة الأميركية في دمشق، في منشور على صفحتها على موقع “فيس بوك” أمس الأربعاء: إن الولايات المتحدة “تلتزم بعملية انتقال مسؤولة لإدارة المخيمات في شمال شرقي سوريا إلى الحكومة السورية الجديدة، وبالعودة الطوعية للسوريين إلى ديارهم”، ليأتي ذلك بعد الانفتاح الأميركي السياسي والاقتصادي على دمشق.
إذا كان الانسحاب الأميركي من قواعد جديدة في سوريا، يزيد من هواجس “قسد”، فإنه من المؤكد يفتح أبواب الآمال واسعة أمام الحكومة، في أن يكون ذلك سبباً ودافعاً لقادة قوات “قسد”، لإعادة قراءة الواقع من جديد وبشكل منطقي وعقلاني، بما يفضي باندماجها في البوتقة السورية العامة، اجتماعياً واقتصادياً وعسكرياً، خاصة وأن دمشق حريصة على مد يدها لجميع مكونات الشعب السوري، لكنها ترفض في الوقت ذاته أي مشروع انفصالي أو كيان خارج سلطة الدولة المركزية، وهو ما بدا جلياً في الاتفاق الذي وقعه الرئيس أحمد الشرع ومظلوم عبدي في العاشر من آذار الماضي، والذي يقضي باندماج “قوات “قسد” ضمن مؤسسات الدولة، والتأكيد على وحدة أراضي البلاد، ورفض التقسيم.