الثورة – إخلاص علي :
تلاشت حالة الانبهار التي عاشها السوريون بعد التحرير من تدني أسعار ألواح الطاقة الشمسية وتجهيزاتها بعد اكتشاف رداءة هذه الألواح وأدائها، حيث تبين دخول كميات كبيرة مستعملة في أوروبا لعدة سنوات.
كما ساهم في قلة التوجه إلى الطاقات المتجددة تردي الوضع المعيشي وتوقف قروض الطاقة واحتباس السيولة في المصارف وغياب التشجيع على تركيب منظومات الطاقات المتجددة.
الوعود الحكومية بتحسن وضع الكهرباء جاءت سبباً آخر للتريث للأشخاص الذين كانوا يفكرون بتركيب منظومات شمسية وتكللت الوعود بتوقيع تفاهمات مع عدد من الشركات الأجنبية لبناء محطات توليد جديدة غازية وشمسية.
“الثورة “حاولت من خلال المادة التالية الإضاءة على هذا الموضوع ورصد حالة الشارع أمام هذه المعطيات من خلال لقاء مع عدد من المواطنين.
التمويل يوقفها
صلاح حمدان وهو موظف في إحدى المؤسسات الحكومية قال خلال حديثه لـ “الثورة” أفكر في تركيب طاقة شمسية ولكن الوضع المادي لا يسمح رغم انخفاض الأسعار وتوفر أنواع كثيرة من التجهيزات على أمل أن يتحسن الوضع الكهربائي كما وعدتنا الحكومة.
بدوره قال صاحب محل تجاري رفض ذكر اسمه: “ركبنا ألواح طاقة وارتحنا ونسينا الكهرباء وأحياناً كثيرة ننسى تحويل القواطع إلى كهرباء الشبكة عندما تتم التغذية وأنا أنصح كل مقتدر بتركيب منظومة شمسية، أولاً كهرباء على مدار الساعة ، وثانياً تخفيض الفواتير التي كانت تأتي مرتفعة جداً رغم أن الكهرباء لا تأتي.
أما فؤاد إبراهيم وهو صاحب أحد صالونات الحلاقة فقال: حالياً أكتفي بلوح واحد أضعه أمام المحل طول النهار لشحن مكنات الحلاقة وإنارة الليدات وأتمنى لو أستطيع تركيب منظومة كاملة للإضاءة والشحن والتكييف ولكن ليس لدي القدرة المادية الكافية ولا يوجد مكان لوضع الألواح فالصالون إيجار وليس ملكاً لي.
تنافس بين الشركات
مدير مركز بحوث الطاقة (cpc) الخاص المهندس نوفل البستاني قال في تصريح لـ”الثورة” حول إقبال الناس على تركيب منظومات الطاقة الشمسية: في الوقت الحالي الإقبال ضعيف خلال هذه الفترة في بعض القطاعات وأعتقد أن لذلك أسباباً منها في المجال الذي نعمل به بشكل كبير ( تركيب منظومات طاقة شمسية لآبار المياه) بسبب انخفاض منسوب مياه الآبار وصعوبة وضع المياه الجوفية، حيث تريث المواطنون في هذا الموضوع، أما فيما يخص المنشآت التجارية والمنزلية فالإقبال عليها جيد وأسعار الألواح والإنفيرترات مقبولة نوعاً ما.
أما بالنسبة لقطاع ربط محطات شمسية على الشبكة الكهربائية فهو شبه معدوم في الوقت الراهن بعد التشريعات الحديثة وتخفيض سعر شراء الكيلو من المحطات بسعر 2 سنت للكيلو بالإضافة إلى إيقاف منح التراخيص حالياً لمنظومات ربط على الشبكة العامة.
وأشار البستاني إلى أن عدم الاستقرار الأمني في البلاد كان سبباً وراء قلة الإقبال على تركيب الطاقة الشمسية طبعاً بالإضافة إلى تردي الوضع المعيشي للمواطنين، حيث يعاد ترتيب الأولويات المعيشية والخدمية وفقاً للإمكانات المحدودة.
وحول المقارنة بين هذه الفترة والفترة المماثلة من العام الماضي قال البستاني: الأمر مختلف وهناك تراجع كبير للأسباب التي سبق ذكرها، ففي مثل هذه الفترة من الأعوام السابقة – والكلام للبستاني- كنا نقوم بتركيب عدد كبير من منظومات الطاقة لآبار المياه والمنشآت سواء التجارية أو المنزلية.
ودعا البستاني الجميع للتوجه إلى الطاقة المتجددة سواء مستثمرين أو مواطنين، وذلك بسبب قلة تكاليف الإنشاء ومردودها العالي وكذلك أثرها على البيئة، مؤكداً وجود تجهيزات عالية الجودة في الأسواق بالرغم من دخول تجهيزات رديئة وغير مراقبة من قبل الجهات المعنية وهذا الأمر يُمكن تجاوزه بالاعتماد على خبراء من الشركات التي تقوم بتركيب منظومات الطاقة والتي بدا عملها يأخذ طابع المنافسة بالسعر والجودة لكسب الزبائن وتعزيز سمعة وتواجد هذه الشركات.
بانتظار تشريعات جديدة
أما في القطاع العام فالصورة أكثر ضبابية وما زال في إطار صياغة التشريعات والقوانين المحفزة لقدوم الاستثمارات المناسبة للمرحلة الحالية من الاقتصاد الحر والتي من المتوقع أن تأخذ طابع المشاريع الكبيرة والتي تحتاج إلى توصيف فني وإداري ومالي يتعلق بطريق التعاطي وشراء الكهرباء ونقلها وربطها بالشبكة وتزويد المنشآت وتبادل الإنتاج بين الشبكة العامة والمستثمرين وهذا كان واضحاً من خلال ما قدمه خبراء المركز الوطني لبحوث الطاقة وهيئة الطاقة الذرية خلال اليومين الماضيين في المؤتمر الدولي الهندسي الثالث للطاقات المتجددة في جامعة دمشق، حيث تم التطرق لمشاركة الطاقات المتجددة في إنتاج واستهلاك الطاقة في سورية.
الرؤية حول التحول إلى النقل
الكهربائي في سورية حتى العام 2050 والتي قدّمها معاون مدير عام المركز الوطني لبحوث الطاقة الدكتور يونس علي .
1.2 مركبة كهربائية
الدكتور علي قال :إن التحوّل الطاقي أو ما يسمى بالانتقال الطاقي يأتي انسجاماً مع التوجه العالمي لتحقيق الحياد الكربوني وبالتالي لابدّ من التوجه إلى كلّ القطاعات ولا سيما قطّاع النقل الذي أخذ بالتحوّل إلى السيارات الكهربائية بشكل سريع و وأصبح هناك أكثر من 1.2 مليار مركبة تعمل على الكهرباء، والأمر في ازدياد بما يعني أن قطاع النقل سيكون من أكثر القطاعات التي سيحدث بها تحول في استهلاك الطاقة ، وبالتالي لا بدّ من إصدارالقوانين الخاصة بالتحوّل إلى النقل الكهربائي وإجراء التحسينات على الشبكة الكهربائية وإصدار قانون خاص بالتحوّل إلى النقل الكهربائي ينظم عملية التحول ، ويحدد مسؤوليات كافة الجهات المعنية و تقديم تخفيضات ضريبية وجمركية إجراء تحسينات على الشبكة الكهربائية مع زيادة الطلب على الكهرباء لشحن السيارات والمركبات و نشر الوعي المجتمعي للتشجيع على عملية التحوّل.
أخيراً :يمكن القول:إنه في زمن الصراع على الطاقة تتسابق الدول في التحول إلى الطاقات المتجددة انطلاقاً من قضايا بيئية بدأت تغير مناخ العالم وصولاً إلى البحث عن مصادر رخيصة لا تستطيع أن تؤثر عليها الصراعات والنزاعات والحروب ولذلك لا بدّ من أن نواكب هذا السباق بما يخدمنا ويخفف عنا أعباء كثيرة نجتهد في تأمين القليل منها .